انهيار العملة الإيرانية: عندما يصبح المال بلا قيمة

بقلم تادي عواد –
في عالم الاقتصاد، هناك مشاهد تُشبه أفلام الكوابيس المالية، وإيران تقدم اليوم واحدًا من أسوأ هذه المشاهد. العملة الإيرانية، الريال، لم تعد تساوي أكثر من أرقام ضخمة تُكتب على الأوراق النقدية، لكنها بلا قيمة حقيقية. إذا كنت تعتقد أن التضخم أمر يمكن التحكم به، فما يحدث في إيران سيجعلك تعيد التفكير.
العملة الإيرانية: انهيار بلا قاع
الريال الإيراني اليوم هو نموذج حيّ لما يحدث عندما يفقد الاقتصاد السيطرة على التضخم. الأرقام التالية ليست مبالغة، بل هي الحقيقة الصادمة التي يعيشها الإيرانيون كل يوم.
الحيلة الإيرانية: “التومان” لتجميل الكارثة
عندما أصبحت أرقام الريال مهولة لدرجة أنها صارت تُرهق الناس حتى في الحسابات البسيطة، قررت إيران اللجوء إلى حيلة بائسة: إعادة إحياء مصطلح “التومان”، وهو الاسم القديم للعملة. لكنها لم تغيّر شيئًا حقيقيًا، بل فقط حذفت صفرًا بشكل غير رسمي، فجعلت كل 10 ريالات تساوي 1 تومان، ليبدو الرقم أصغر، بينما الواقع لم يتغير قيد أنملة.
النتيجة؟ بدل أن تقول “مليون ريال”، تقول “100.000 تومان”، وكأن الكارثة المالية ستتوقف بسبب لعبة لغوية!
السعر الرسمي؟ مجرد وهم!
الأمر ببساطة: 100 دولار تعادل 4,200,000 ريال إيراني وفقًا للسعر الرسمي! لكن هذه مجرد أرقام على ورق، لأن الواقع أكثر قسوة.
إذا كنت تعتقد أن السعر الرسمي في البنك المركزي الإيراني يعكس الحقيقة، فأنت مخطئ تمامًا. السوق السوداء، حيث يتعامل الناس فعليًا، تكشف مدى الانهيار الحقيقي:
100 دولار تعادل 9 ملايين تومان في السوق السوداء، أي 90 مليون ريال إيراني!
الفرق بين السعر الرسمي والسوق السوداء مذهل:
في البنك: 4,200,000 تومان لكل 100 دولار.
في السوق السوداء: 9,000,000 تومان لكل 100 دولار.
بعبارة أخرى، الحكومة الإيرانية لا تبيع الدولار بسعر السوق الحقيقي، بل بسعر خيالي، في محاولة فاشلة لتجميل الواقع. لكن الناس في السوق يتعاملون بالسعر الحقيقي، الذي يكشف مدى انهيار العملة.
أزمة أم انهيار شامل؟
ما يحدث في إيران اليوم ليس مجرد “أزمة اقتصادية”، بل هو انهيار شامل، حيث لم يعد المال وسيلة تبادل ذات قيمة، بل مجرد أداة للعدّ، بلا فائدة حقيقية.