ما علاقة “كلنا إرادة” وLIFE ومجموعات الثورة برئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟
بقلم تادي عواد –
شهدت الفترة الأخيرة تفاعلًا متزايدًا بين منظمة “كلنا إرادة” وبعض نواب “التغيير” مع القاضي نواف سلام، الذي كُلِّف بتشكيل الحكومة اللبنانية. فقد بادرت “كلنا إرادة” إلى دعوة ناشطين لزيارة منزل سلام دعمًا له، ما يعكس وجود علاقة وثيقة بين الطرفين، ودورًا مؤثرًا للمنظمة في المشهد السياسي اللبناني، لا سيما في تشكيل الحكومة المقبلة.
دور “كلنا إرادة” في تشكيل الحكومة
تشير التقارير إلى أن المنظمة تلعب دورًا بارزًا في اختيار الوزراء، حيث يُقال إن الرئيس المكلَّف نواف سلام يعتمد على شخصيات من “كلنا إرادة”، مثل عامر بساط وحنين السيد، ضمن فريقه الوزاري المحتمل. وقد أثار هذا الأمر تساؤلات حول مدى حيادية سلام، وما إذا كانت “كلنا إرادة” قد تحوَّلت إلى ما يشبه الحزب السياسي.
“كلنا إرادة”: منظمة إصلاحية أم قوة سياسية ناشئة؟
تأسَّست منظمة “كلنا إرادة” عام 2017 كمنظمة غير حكومية تُركز على الإصلاح السياسي في لبنان. خلال احتجاجات 17 تشرين الأول 2019، التي عُرفت بـ”الثورة”، تعاونت المنظمة مع مجموعات ومنصات أخرى نشأت خلال تلك الفترة، وكان لها دور في دعم الحراك الشعبي من خلال تقديم الدعم المالي والاستشاري، والتواصل مع المجتمع الدولي.
علاقات “كلنا إرادة” الدولية وتأثيرها
إلى جانب دعمها للحراك الشعبي، تمتلك “كلنا إرادة” ارتباطًا وثيقًا بمنظمة “LIFE” (Lebanese International Finance Executives)، وهي مجموعة من رجال الأعمال اللبنانيين في المهجر، تأسَّست عام 2009 بهدف دعم الاقتصاد اللبناني. على سبيل المثال، يشغل وليد شماس، الرئيس التنفيذي لـ”كلنا إرادة”، عضوية في “LIFE”، مما يعكس الترابط بين المجموعتين في رسم السياسات العامة.
“LIFE”: منظمة رجال أعمال لبنانيين في المهجر
مجموعة LIFE هي منظمة غير سياسية تضم رجال أعمال لبنانيين بارزين حول العالم، وتعمل على تقديم حلول اقتصادية تشمل خصخصة بعض القطاعات العامة، كما تتعاون مع مؤسسات دولية مثل البنك الدولي. ومن بين أبرز أعضاء مجلس إدارتها:
جورج عسي – شريك مؤسس في شركة “Naviter Capital LLP” في لندن.
مروان عزي – شريك في شركة “Gibson, Dunn & Crutcher LLP” في نيويورك.
غنوة برّاضي – الرئيس التنفيذي لشركة “Baradhi Consulting”.
كارول نصر الله – رئيسة مجلس الإدارة منذ عام 2018، ومستشارة أولى لشركة “BlackRock” في الشرق الأوسط.
ريما معوض – ابنة الرئيس اللبناني الراحل رينيه معوض.
وهبي تماري – رئيس مجلس إدارة البنك العربي.
تشير بعض التقارير إلى أن “LIFE” تمتلك علاقات مع مجموعات اليسار العالمي، وتقدم طروحات إصلاحية تركز على خصخصة قطاعات حيوية في الاقتصاد اللبناني، وهو ما ينسجم مع أجندة “كلنا إرادة”.
نواف سلام و”كلنا إرادة”: تحالف استراتيجي؟
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن العلاقة بين نواف سلام و”كلنا إرادة” هي امتداد طبيعي لعلاقة الأخيرة بمجموعات “الثورة”، حيث لعبت المنظمة دورًا أساسيًا في الدفع بسلام إلى منصب رئيس الحكومة. وبالنظر إلى خلفيته ذات التوجهات اليسارية، فإن نواف سلام يمثل تقاطعًا بين النخب الاقتصادية الإصلاحية المدعومة من “LIFE” و”كلنا إرادة”، وبين الحراك الشعبي الذي أفرزته احتجاجات 2019.
الإصلاح الاقتصادي: الهدف المُعلن
حتى اللحظة، يُظهر خطاب “كلنا إرادة” و”LIFE” تركيزًا على الإصلاح الاقتصادي عبر الخصخصة، في محاولة لإعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني المتعثِّر. ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة حول مدى استقلالية هذه الجهات، وما إذا كانت أجندتها تصب في مصلحة لبنان ككل، أم أنها تمثل مصالح نخبوية محددة.
خاتمة
في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، يُشكّل الدور المتزايد لـ”كلنا إرادة” و”LIFE” في دعم نواف سلام مؤشرًا على تحوُّل جديد في المشهد اللبناني، حيث بات التأثير الاقتصادي للنخب المالية في المهجر يلعب دورًا محوريًا في رسم سياسات الدولة، وهو ما يستدعي مراقبة دقيقة لمسار هذه التحركات ومدى تأثيرها على مستقبل البلاد.