رفع التغذية الكهربائية.. استثمار سياسي مغلف بالإنجازات الوهمية
بقلم تادي عواد –
قرار وزارة الطاقة زيادة ساعات التغذية الكهربائية من 6 إلى 11 أو 12 ساعة يوميًا يبدو للوهلة الأولى كأنه تحسين لخدمة المواطنين، لكنه في الحقيقة خطوة تنطوي على استغلال سياسي للأزمات لتحقيق مكاسب حزبية. تحاول الجهات المسيطرة على الوزارة تقديم القرار كإنجاز نوعي، تمهيدًا لتعزيز نفوذها في الحكومة المقبلة، ما يعكس تلاعبًا واضحًا بالمصالح العامة خدمةً للأجندات السياسية.
أعباء مالية دون جباية فعلية
القرار يفرض أعباء مالية ضخمة على خزينة الدولة، في ظل امتناع أربع فئات رئيسية عن دفع فواتير الكهرباء: المخيمات الفلسطينية، المخيمات السورية، الإدارات العامة، وبعض المناطق اللبنانية المعروفة بتخلفها عن الدفع. استمرار هذا الوضع يؤدي إلى تفاقم العجز المالي في قطاع الكهرباء، إذ إن الزيادة في ساعات التغذية لا تقابلها جباية فعلية، ما يعمق الأزمة بدلاً من حلها.
نقص الفيول.. قرار قصير المدى
المصادر تشير إلى أن مخزون الفيول الحالي يكفي لتغطية 6 ساعات يوميًا لمدة أربعة أشهر. لكن مع زيادة التغذية إلى 11 ساعة، سينفد الوقود خلال 50 يومًا فقط. هذه المعطيات تؤكد أن القرار غير مستدام وسيترك البلاد في أزمة أكبر بعد استهلاك الوقود المتوفر، مما يكشف عن غياب التخطيط الطويل المدى.
غياب الرؤية الاستراتيجية
قرار رفع التغذية يُظهر ضعف التخطيط لدى وزارة الطاقة، التي تفتقر إلى خطة استراتيجية لمعالجة أزمة الكهرباء. الحلول الجذرية تبدأ بفرض العدالة في جباية الفواتير على جميع المستهلكين، بمن فيهم الجهات المستثناة، وبتقليل الهدر الفني والتقني. أما اتخاذ قرارات عشوائية، فهو مجرد محاولة لاسترضاء الشارع دون تقديم حلول حقيقية.
تسييس الخدمات العامة
أزمة الكهرباء ليست جديدة، لكنها باتت نموذجًا صارخًا لتسييس الخدمات العامة وتحويلها إلى أدوات لتحقيق مكاسب حزبية ضيقة. بدلاً من تقديم حلول فعالة ومستدامة، يتم استخدام هذه الأزمات لإظهار إنجازات وهمية، ما يزيد من الاستقطاب ويضاعف معاناة المواطنين.
رؤية إصلاحية غائبة
رفع التغذية الكهربائية في ظل هذه الظروف هو خطوة غير مدروسة تعكس استعراضًا سياسيًا فارغًا. دون معالجة الهدر المالي والتقني، وضمان عدالة الجباية، ستبقى هذه القرارات مؤقتة وعديمة الجدوى. المطلوب اليوم هو خطة إصلاح شاملة تبدأ بالشفافية والمساءلة، بعيدًا عن الشعبوية والسياسات القصيرة الأمد.
الخلاصة:
لبنان بحاجة إلى إصلاح حقيقي لقطاع الكهرباء يعالج جذور الأزمة، لا إلى قرارات ارتجالية تخدم المصالح الحزبية على حساب مصلحة الشعب. الحل يكمن في رؤية استراتيجية طويلة الأمد تُبنى على الشفافية والمسؤولية.