فرصة تاريخية للتغيير.. ورهان السلطة الفاسدة على الخارج
بقلم تادي عواد –
تلوح في الأفق فرصة تاريخية لإحداث تغيير حقيقي في بنية النظام السياسي الذي أنهكته سنوات من الفساد وسوء الإدارة. تتمثل هذه الفرصة في تحرك المعارضة السيادية وتوحدها حول مشروع وطني إصلاحي يهدف إلى كسر هيمنة تحالف الأحزاب الفاسدة التي دمرت البلاد، والتركيز على إعادة بناء الدولة على أسس النزاهة والشفافية.
في هذا السياق، برز اسم فؤاد المخزومي كمرشح قوي لرئاسة الحكومة، وهو شخصية معروفة بمواقفه الصارمة ضد الفساد ودعمه لمسيرة الإصلاح السياسي. يعكس تحرك المعارضة نحو ترشيحه رغبة واضحة في تقديم بديل حقيقي للسلطة الحالية، بديل يضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات.
رهان السلطة على التدخلات الخارجية
بينما تسعى المعارضة إلى إعادة القرار إلى الداخل اللبناني، تواصل السلطة الحالية الفاسدة سياسة المراهنة على الخارج لضمان بقائها. هناك من ينتظر زيارة الرئيس الفرنسي لإعادة تعويم نفسه سياسيًا، وآخرون يعوّلون على ضغط سعودي لضمان استمراريتهم.
لكن الواقع يثبت أن هذه الرهانات غير مجدية. ففرنسا، التي حاولت سابقًا فرض مرشحها الرئاسي سليمان فرنجية، فشلت في تحقيق هدفها، وهي عاجزة اليوم عن فرض رئيس حكومة جديد. من جهتها، أعلنت السعودية بشكل صريح أنها لن تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي، مؤكدة أن رئاسة الحكومة شأن داخلي بحت يتوجب على اللبنانيين وحدهم حسمه.
التحدي أمام المعارضة
رغم هشاشة موقف السلطة الحالية وتراجع الدعم الخارجي لها، يبقى نجاح المعارضة مرهونًا بمدى قدرتها على التماسك وتجنب الانقسامات. فالشعب اللبناني، الذي أرهقته الأزمات المتتالية، يضع كل آماله وثقته في قدرة المعارضة على تغيير الواقع المؤلم الذي فرضته سياسات السلطة.
لذا، فإن التحدي الأكبر أمام المعارضة ليس فقط في الوصول إلى السلطة، بل في تقديم نموذج مختلف يعيد ثقة اللبنانيين في مؤسسات الدولة، ويثبت أن التغيير الحقيقي ممكن إذا توافرت الإرادة السياسية والرؤية الواضحة.
خاتمة: التغيير خيار الداخل
بينما تخسر السلطة الحالية القاعدة الشعبية، ويبدو رهانها على دعم الخارج رهانًا غير مجدٍ أمام صلابة الموقف الداخلي، يبقى الحل الوحيد في الداخل، عبر إرادة لبنانية جامعة تسعى إلى استعادة السيادة الوطنية وتحقيق الإصلاح السياسي. اليوم، الفرصة أمام المعارضة فرصة نادرة قد لا تتكرر، والشعب ينتظر منها أن تكون على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها. فإما أن يكون هذا التحرك بداية حقبة جديدة من الأمل والبناء، أو يستمر لبنان في دوامة الانهيار التي يدفع ثمنها الجميع.