تحت المجهر

آخر عاقل في حزب الله

يواجه حزب الله اليوم مرحلة استثنائية من التخبط وعدم الوضوح، سواء على المستوى الداخلي أو الاستراتيجي. هذا الواقع لا يُعزى فقط إلى سقوط حليفه بشار الأسد، بل يعود بدرجة كبيرة إلى فقدان هالة القيادة التي كان يجسدها حسن نصر الله.

على المستوى القضائي
يجد حزب الله نفسه في صدام مع القضاء اللبناني، إذ حاول التدخل لإطلاق سراح موقوفين متهمين بقضايا جنائية، من بينها التحريض على العنف ضد الصحافيين. هذه التدخلات، التي كان للنائب إبراهيم الموسوي دور بارز فيها، أثارت استياءً واسعاً وزادت من حدة الانتقادات الموجهة للحزب.

الجدل الأكبر أثير عند الكشف عن ارتباطات مشبوهة بالموقوفة غنى غندور، حيث تبين أن زوجها، جو عون، صديق لتاجر الألماس الإسرائيلي مارتن رابابورت. يُعرف رابابورت بدعمه العلني لإسرائيل، وبمواقفه الإعلامية المؤيدة للحروب على غزة ولبنان. هذا الكشف يثير تساؤلات جدية حول أولويات الحزب ومصداقيته في مواجهته لإسرائيل.

الأزمة الشعبية ومحاولات التهدئة
تشير التقارير إلى أن الحزب لجأ مؤخراً إلى توزيع تعويضات مالية على عائلات في الضاحية الجنوبية، في محاولة لاحتواء موجة الاستياء الشعبي. ورغم أن هذه التعويضات تُقدَّم بناءً على الأسعار السائدة لبعض المقتنيات، إلا أنها جاءت متأخرة وفي ظل ضغوط معيشية خانقة. سكان الضاحية يواجهون تردياً اقتصادياً حاداً، بينما تبدو هذه التعويضات غير كافية، مما عزز مشاعر الغضب تجاه الحزب الذي يُنظر إليه باعتباره المتسبب الرئيسي في معاناتهم.

ورغم ادعاءات الحزب بامتلاكه خطة استراتيجية واضحة، يبدو أن الواقع يناقض ذلك تماماً. غياب المبادرة وتشتت الرؤية يضعانه في موقف دفاعي مستمر، بدلاً من الاضطلاع بدور قيادي.

قبل اغتياله ، قال أحد السياسيين: “إذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله، تكون قد اغتالت آخر عاقل في حزب الله.” هذه الكلمات تبدو اليوم أكثر صدقاً من أي وقت مضى، فقد كان حسن نصر الله القائد الوحيد الذي امتلك رؤية استراتيجية واضحة في الحزب، ومع رحيله باتت القيادة متخبطة وعاجزة عن إدارة الأزمات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى