تحت المجهر

“المرض العوني” كان أحد الأسباب الأساسية التي ساهمت في دمار لبنان.

بقلم تادي عواد

لم يخسر المسيحيون الحرب بسبب قوة الاحتلال السوري وحلفائه، كما لم تخسر ثورة الأرز أمام الاحتلال الإيراني، بل خسروها بسبب “المرض العوني” الذي اجتاح المجتمع ودمره من الداخل قبل أن يُدمَّره عسكريًا.

في عام 1988، دخل “المرض العوني” المناطق المحررة من لبنان، ومع بداية انتشاره، قاد حملة ممنهجة لتشويه جميع القيم الوطنية والمسيحية. هاجم العونيون بكركي وسيدها، وعمدوا إلى تشويه صورة الكنيسة، ثم اقتحموا مقر إقامة البطريرك صفير في بكركي واعتدوا عليه، وأجبروه على تقبيل صورة ميشال عون أمام وسائل الإعلام.

نشر “المرض العوني” الحقد في المجتمع، فعمت الكراهية النفوس، ووصل بهم الأمر إلى تشويه معنى الشهادة والإساءة للشهداء، وتشبيه الأبطال المدافعين عن أرضهم وشعبهم بالمجرمين وقطاع الطرق.

في تلك السنة المشؤومة، فتحت أبواب الجحيم؛ حروب عبثية دمّرت الحجر والبشر. أسفرت هذه الحروب عن خسائر بشرية هائلة وتدمير كبير للبنى التحتية، لتتبعها حرب الأخوة (حرب الإلغاء)، حين هاجم “المرض العوني” مواقع القوات اللبنانية تحت شعار “الدولة لا الدويلة”. وانتهت الحرب بسيطرة الاحتلال السوري على كامل الأراضي اللبنانية.

وحين انسحب الاحتلال السوري من لبنان إثر انتفاضة ثورة الأرز، عاد “المرض العوني” لإجهاض الانتفاضة وتكريس هيمنة الاحتلال الإيراني على الدولة والمؤسسات اللبنانية. ساعد التيار العوني الاحتلال الإيراني وتنظيمه الإرهابي (حزب الله) على الإمساك بالسلطة، وأمّن له الغطاء المسيحي حتى تمكن من السيطرة على معظم مفاصل الدولة، وها هو اليوم يجر لبنان إلى عزلة دولية، ومواجهة الإفلاس والانهيار المالي.

جسّدت الحالة العونية كره الذات لدى المسيحيين والخنوع أمام الاحتلال الغريب، فأصبحت الحليف الأول للاحتلالين السوري والإيراني، ورفعت شعار استعادة حقوق المسيحيين، بينما تحوّلت إلى شريكة في انتهاك حقوق جميع اللبنانيين، بالتواطؤ مع العصابات التي مكّنت المحتل من بسط نفوذه. أدّت هذه الحالة إلى استبعاد اللبنانيين المنتجين الشرفاء، وسجنهم في فساد معمّم، وتحويل الحكم إلى علاقة فساد بدلًا من علاقة تدبير.

لا خلاص للبنان قبل استئصال “المرض العوني” الذي خدم أهداف الاحتلال السوري أولًا، ثم الاحتلال الإيراني لاحقًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى