تحت المجهر

باسيل من دون حليف شمالي، ويلجأ الى الرشى من حساب الخزينة 

ينطبق المثل المصري “دخول الحمام مش زي الخروج  منه”، على وضعية النائب جبران باسيل الانتخابية! فدخول « « « جنة العهد »، لا يقارن بالخروج منها في انتخابات نيابية مزمع اجراؤها في لبنان في الربيع المقبل. 

في المبدأ، مع اتضاح مآل الانتخابات النيابية، وظهور معالم الحزب الذي يمكن أن يفوز بالإنتخابات، يكتسب هذا الحزب تعاطفا اضافيا، من جمهور من المنتفعين، والراغبين في دخول جنة السلطة، والانتفاع من المغانم التي تنتج عنها، وتعاني الاحزاب التي تتولى السلطة بانتخابات نيابية من تراجع في شعبيتها في نهاية العهد، خصوصا ان ايا من الاحزاب لا يستطيع تحقيق جميع وعوده الانتخابية، ما ينعكس تراجعا في شعبية الحزب الحاكم. 

مع شبه الاجماع على انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية، نتيجة تفاهمات هجينة نسجها صهره جبران باسيل، مع نادر الحريري، الذي استفاد من غياب رئيس تيار المستقبل عن البلاد ليقيم علاقات ملتبسة مع باسيل ومع حزب “القوات اللبنانية“، واستلحاق رئيس الاشتراكي، وليد جنبلاط، بدأ واضحا ان العهد سيكون للتيار العوني! وبالفعل، احكم باسيل، بموافقة عمه الجنرال، قبضته عليه، فاصبح باسيل رئيسا للظل بشهادة كل من رئيس القوات ورئيس المستقبل وكل من يزور قصر بعبدا!

باسيل اصيب بحالة من السكر والانتشاء، وعمل وما زال يعمل على خطين متوازيين:  الاول، الاستفادة مما تبقى من رصيد عمه المتهالك للوصول الى رئاسة الجمهورية. وفي حال تعذر هذا الامر، الانكفاء الى “سوليديره” في مسقط رأسه بمدينة البترون، وتكريس نفسه مرجعا ورقما صعبا في المعادلة السياسية التي ستحكم البلاد بعد تسليم عمه مقاليد الحكم. 

لكن، جاء موعد الانتخابات النيابية ليضع الكثير من طموحات باسيل الانتخابية والسياسية على المحك. فباسيل يعاني من صعوبات جمة لم تعترضه في الانتخابات السابقة: 

حالة اليأس والاحباط التي اصيب بها المجتمع اللبناني عموما، والمسيحي، خصوصا من آداء التيار العوني بعد اوصل البلاد الى دَرك لا يمكنها الخروج منه بعشرات السنين. فقوّضت ممارسات باسيل وحليفه حزب الله كل مقومات الدولة اللبنانية، وضربت الطبقة الوسطى في لبنان التي تشكل عامل الاستقرار في كل الدول! وانهارت القدرة الشرائية للمواطنين، وتم تدمير القطاع الصحي والتربوي والمصرفي والمالي والاقتصادي، وسط عجز العهد العوني عن القيام بأي خطوة اصلاحية. ما خلا شعارات جوفاء لم تعد تنطلي على اي مواطن لبناني، من نوع مكافحة الفساد والهدر المالي واسترجاع الاموال المنهوبة والتدقيق الجنائي وسواها! إضافة الى تحميل الغير، من حاكم المركزي، الى رئيس المجلس النيابي روؤساء الحكومات الحاليين والسابقين وكل اللبنانيين مسؤولية فشلهم في إدارة الدولة، والتعمية على مسؤولية حليفهم الإيراني وسلاحه غير الشرعي في التسبب بكل هذا الخراب العميم.

 انتخابياً، ينعكس هذا الواقع بداية بتخلي الكثيرين عن التيار العوني، خصوصا من رجال الاعمال، وتحديدا من الذين يملكون جنسيات اخرى غير الجنسية اللبنانية، والذين اصبحوا يخشون على مصالحهم واستثماراتهم في الخارج بسبب تعاطيهم ودعمهم لمسؤول « معاقب اميركيا » بتهمة الفساد والتربح غير الشرعي. 

« أكيد في إنتخابات؟ »

في الأسابيع الأخيرة، جمع باسيل « ماكينته الانتخابية » في مدينة البترون، وفوجيء نسبيا بطبيعة الاسئلة التي واجهته من اعضاء ماكينته، التي لم يعتد منها سوى التنفيذ دون مناقشة!

من الاسئلة التي سمعها:  هل انت واثق من اجراء الانتخابات؟

في حال اجراء الانتخابات ما هو الشعار السياسي الذي سنحمله ونقول للناخبين صوتوا لجبران باسيل او لسواه؟ 

باسيل فوجيء بطبيعة الاسئلة، خصوصا انه تعود على الاملاء لماكبينته الانتخابية، فعمل على تغيير الحديث، بعد ان ادرك ان الشكوك وصلت الى عقر داره. 

جميع الاحصاءات تشير الى تراجع شعبية التيار العوني في كل المناطق التي كان يتمتع باغلبية مريحة فيها، ورجحت بعض الاحصاءات ان يكون التراجع شعبيا وصل الى نسبة 50 الى 60% قياسا على الانتخابات السابقة. 

في دائرة الشمال الثالثة التي تضم ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية، هم جبران باسيل، وسليمان فرنجية وسمير جعجع، يعاني باسيل من صعوبات جمة قد تحول دون بلوغه الندوة النيابية في الدورة القادمة. 

ابرز الصعوبات، عدم وجود حليف لباسيل في هذه الدائرة، بعد ان استفاد في الدورة السابقة من تحالفه مع تيار المستقبل، الذي امن له دعما بترونيا ملحوظا، ودعما لحاصل اللائحة العام في الكورة وزغرتا. واستفاد ايضا من التحالف مع النائب المستقيل ميشال معوض، والمرشح البشراوي الشيخ سعيد طوق (وليس مع ملحم طوق، كما أوردنا خطأً قبل أن يردنا تصحيح من الأستاذ أنطوني جعجع- راجع تعليقه أدناه)، ما ساهم بفوز باسيل ومعه نائب عن قضاء الكورة.

بالمقابل، في الدورة الحالية يتجه النائب معوض الى تشكيل لائحة مستقلة، ويدرس ملحم طوق خياراته الانتخابية، مشيرا الى انه لن يكون رافعة لاي لائحة! فإذا لم يكن فوزه مضمونا بالمقعد النيابي، فهو لن يترشح الى الانتخابات! وبطبيعة الحال ا  « تيار المستقبل » لن يدعم باسيل، ولا « حزب القوات اللبنانية »، وكذلك « تيار المردة »، ما يبقي باسيل منفردا ليخوض المعركة الانتخابية بما جناه خلال سنوات عهد عمه!

الى ما سبق، ادرك باسيل، ان التيار العوني منفردا قد لا يستطيع تأمين حاصل انتخابي يعطيه المقعد النيابي في البترون. لذلك هو يسعى الى لملمة ما امكنه من اصوات متفرقة في دائرته البترونية، ليرفع من اصواته التفضيلية، عله يستطيع بلوغ الحاصل الانتخابي. 

آخر البِدع التي يعمل على تسويقها تمثّل رشوة انتخابية مقنعة لحليف باسيل السابق في قضاء البترون، الدكتور نزار يونس صاحب ومؤسس شركة BUTEC الدولية للمقاولات، والتي التزمت بموجب عقد مع وزارة الطاقة، ما يسمى بـ »تزويد الخدمات” لشركة كهرباء لبنان. حيث تلتزم شركة “BUS”، المنبثقة من الشركة الام “BUTEC”،  اعمال الصيانة لاعطال الكهرباء والجباية ووخدمة المشتركين، ونزع التعديات والتخطيط والتصميم، والانشاءات! وتغطي اعمال الشركة حوالي 30% من الاراضي اللبنانية الممتدة من شمال بيروت الكبرى وصولا الحدود الشمالية. 

وقبل أيام فقط،  كان مفاجئا طلب وزير الطاقة العوني وليد فياض، الموافقة على تمديد عقود شركات مزودي الخدمات وتوسيع صلاحياتهم، بما يهدد عمال وموظفي شركة كهرباء لبنان الذين سيصبحون عبئا على الشركة بعد ان تحال اعمالهم ووظائفهم الى مزودي الخدمات الذين سيقبضون رواتبهم بالعملة الصعبة، “فرش دولار“، في حين ان عمال وموظفي شركة كهرباء لبنان يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، مع احتساب سعر صرف الدولار 1500 ليرة لبنانية. 

مشروع وزير الطاقة تبلغ تكلفته 500 مليون دولار، ما يعني ان شركة “BUS” ستحصل على نسبة اقلها 30% من هذا المبلغ بالعملة الصعبة، اي 150 مليون دولار، لقاء ثلاث ساعات تغذية بالكهرباء يوميا!! 

وقد عزت مصادر مطلعة مشروع وزير الطاقة العوني الى رغبة باسيل في تقديم هدية الى شركة نزار يونس عشية الانتخابات النيابية من حساب الخزينة العامة وما تبقى من اموال المودعين. وهذا، لقاء كسب تأييد انصار يونس لباسيل في البترون، على سبيل « رد الجميل »! خصوصا ان يونس اعلن عزوفه عن التعاطي في الشأن الانتخابي، وهو يتجه اكثر الى تأييد طروحات ما يعرف  بـ »الثوار” ولا يقبل هدايا ورشى انتخابية. 

المصدر : شفاف الشرق الاوسط

Show More

Related Articles

Back to top button