هل يصمد الحرس الثوري أمام انتفاضة داخلية في ظل الضائقة المالية التي يمر بها؟؟؟
قال مراقبون إيرانيون إن الحرس الثوري الإيراني قد يفتقر إلى القدرة على مواجهة انتفاضة أخرى واسعة النطاق ضد النظام الإيراني، وذلك بسبب انتشاره المتمدد في المنطقة وما يعانيه من نقص شديد في التمويل.
ووضعت الاحتجاجات التي اندلعت بسبب نزاع بشأن نتائج الانتخابات البلاد في خضم “الحركة الخضراء” عام 2009، في حين نفذ الحرس الثوري الإيراني حملة قمع واسعة على التظاهرات التي عمت البلاد في تشرين الثاني /نوفمبر 2019.
وخلال هذه الحملة القمعية ضد الاحتجاجات المرتبطة بأسعار النفط، عمد الحرس الثوري الإيراني وقوة الباسيج المقاوِمة وهي مجموعة شبه عسكرية تابعة للحرس ومسؤولة عن إنفاذ الأمن الداخلي، إلى قتل نحو 1500 متظاهر واعتقال الآلاف.
وفي 12 نيسان/أبريل الماضي، أدرج الاتحاد الأوروبي 3 سجون سيئة السمعة و8 مسؤولين أمنيين إيرانيين بينهم القائد في الحرس الثوري حسين سلامي، إلى قائمة العقوبات على خلفية حملة القمع التي نفذت عام 2019.
وقال إن سلامي “يتحمل مسؤولية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”، مشيرا إلى أن العناصر العاملين تحت إمرته “استخدموا القوة المميتة لقمع احتجاجات تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في إيران، ما تسبب في مقتل وإصابة متظاهرين عزل”.
ومنذ ذلك الحين ودون أي تردد أو خوف، خرج متظاهرون من مختلف أنحاء إيران إلى الشوارع بصورة منتظمة للمطالبة بحقوقهم الأساسية، بما في ذلك حق الوصول إلى المياه والعمل واللقاحات، والتنديد بإعطاء النظام الأولوية لأجندته الخارجية على حساب الاقتصاد المحلي.
ومن المرجح أن تتكرر التظاهرات وبعضها على نطاق واسع، في مستقبل إيران.
الحرس الثوري منهك
وعلى مدى العقد الماضي، خصص الحرس الثوري نسبة كبيرة من قواته وموارده للتدخل الإقليمي وأنشأ تواجدا له في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
وقال مراقبون إنه نتيجة لذلك، قد تكون القوات العسكرية المحلية وقوات إنفاذ القانون الإيرانية ضعيفة وهشة في حال حصول احتجاجات شعبية.
وأوضح المحلل الأمني الإيراني كمران برفاريشكاه أن “التهديدات الإقليمية التي خلقتها إيران لنفسها أدت إلى توزيع موارد الحرس الثوري العسكرية واللوجستية على رقعة واسعة”.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى الحفاظ على وجودها النشط في سوريا ولبنان واليمن والعراق، على إيران اليوم توخي الحذر بشأن التطورات العسكرية على حدودها مع أذربيجان.
وفي محافظة خوزستان التي تضم أكبر قدر من الموارد المائية والنفطية في إيران وتشمل 5 أنهر رئيسية بينها نهر كارون وهو الأطول في البلاد، يخرج المتظاهرون إلى الشوارع منذ منتصف تموز/يوليو، احتجاجا على نقص المياه في ظل الجفاف الشديد.
وكان رد المسؤولين الحكوميين على هذه التظاهرات بإنكار حدوثها أولا، ثم بإرسال قوات الأمن لقمع المتظاهرين. وأثناء هذه الاحتجاجات، قُتل عدد من المشاركين بالرصاص الحي.
وقال النائب في المجلس الإيراني مسعود بيزشكيان يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر، “عندما لا تُحل مشاكل الشعب لا بل تتواصل، يصبح كل شيء ممكنا”.
وطالبت مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، السلطات الإيرانية بـ”اتخاذ إجراءات فورية” لمعالجة قضية نقص المياه المزمن في محافظة خوزستان.
وقالت في تموز/يوليو بعد اندلاع الاحتجاجات لأول مرة، إنه يجب القيام بذلك دون استخدام القوة وتنفيذ اعتقالات واسعة النطاق لقمع الاحتجاجات.
وتابعت أن “تأثير أزمة المياه المدمرة على حياة سكان خوزستان وصحتهم ورفاهيتهم، يجب أن يكون محور اهتمام الحكومة وليس الاحتجاجات الشعبية التي أثارتها سنوات من الإهمال”.
وأضافت “أنا قلقة للغاية بشأن الوفيات والإصابات التي سجلت الأسبوع الماضي، فضلا عن عمليات الاعتقال والاحتجاز واسعة النطاق”.
تراجع في الإيرادات
وأضاف المراقبون للمشارق أنه إلى جانب قمع الاحتجاجات، من المعروف أن قوات الأمن الإيرانية تقيد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي وتنشر معلومات كاذبة عنها.
ولكنهم قالوا إن القدرات القمعية لتلك القوات قد تضاءلت نتيجة العقوبات الدولية، مشيرين إلى تراجع ملحوظ في الإيرادات بسبب تلك العقوبات.
وتراجعت التجارة الخارجية الإيرانية من 46 مليار دولار عام 2019 إلى 28 مليار عام 2020، وتقدر هذا العام بـ 18 مليار دولار.
وشهدت إيران مغادرة المستثمرين الأجانب ولا سيما الشركات الأوروبية.
وقال الخبير الاقتصادي المقيم في طهران مزغان غريب، إن “المسؤولين الإيرانيين ورجال الدين المرتبطين بالحكومة يقولون إن إيران نجحت في جني الأموال من صادرات النفط خارج النظام المصرفي العالمي”.
وأضاف “لكن هذه التصريحات ليست سوى شعارات. فقد تراجعت عائدات النفط الإيرانية التي تُعتبر المصدر الرئيسي لموازنتها، بشكل كبير”.
وتابع “حتى الدول التي تُعتبر حليفة لطهران وبينها روسيا والصين، تعاني من مشاكل عدة بتنفيذ معاملات مالية معها”.
وأضاف غريب أنه بسبب العقوبات المصرفية، لم تتمكن إيران حتى من الوفاء بالتزامها بتصدير الكهرباء إلى الدولة المجاورة لها، العراق، حيث تتمتع بنفوذ كبير.
وشكّل ضغط العقوبات ولا سيما تمديد العقوبات على بيع الأسلحة لإيران، مشكلة مزدوجة لقوات الأمن الإيرانية.
ومن جهة، تم إرسال عدد كبير من عناصر الحرس الثوري إلى دول المنطقة للعمل على تنفيذ السياسات التوسعية للنظام الإيراني، على الرغم من افتقار هذه القوات إلى الموارد المالية اللازمة للقيام بهذه المهمة.
ومن جهة أخرى، حذر المحللون من أنه بعد 10 سنوات من اعتماد إيران سياسة عدائية في المنطقة واستمرار الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، باتت الظروف مهيأة لحدوث انتفاضة داخلية في إيران شبيعة بتلك التي جرت ضمن “الربيع العربي”.
وقالوا إن النظام الإيراني لن يكون جاهزا لقمع أي من هذه الاحتجاجات بسبب النقص الحاد في الموارد.