تحت المجهر

استقالات تضرب قضاء لبنان.. تدخلات السياسيين لا تطاق

في مؤشر جديد على التدخلات السياسية في كافة القطاعات في لبنان، شهدت أروقة قصر العدل في بيروت خلال الساعات الماضية، حركة استقالات لقضاة نتيجة تعثّر وضع العدلية بشكل عام، بما يُسيء إلى هيبتها ومكانتها، بالإضافة إلى الأوضاع السيّئة معيشياً واقتصادياً والتي لا توفّر أحداً في لبنان مهما كان مركزه وطبيعة عمله.

فقد أفادت معلومات عن إقدام أربعة قضاة على الاستقالة من السلك وإيداع استقالتهم لدى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود من دون البتّ بها.

التدخّلات السياسية

وبحسب مصدر قضائي مطّلع تحدّث لـ”العربية.نت” فإن هذه الاستقالات هي بمثابة انتفاضة قضائية ضد التدخّلات السياسية في عمل القضاء، والتي تجلّت بشكل واضح وصريح في ملفات عديدة، منها التعيينات القضائية، إلا أن أبرزها كان أخيراً التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وعمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار”.

وفي حين بدا لافتاً أن اثنين من هؤلاء القضاة (ناجي عيد وجانيت حنا، كانا نظرا في مسألة كفّ يد البيطار) إلا أن المصدر القضائي حرص على التأكيد أن لا علاقة للاستقالة بما يجري في ملف تحقيقات المرفأ، ولكنه أشار في الوقت عينه إلى أنه ” يُمكن القول إن ملف المرفأ كان بمثابة القشّة التي قسمت ظهر البعير، إذ إن القاضي بات هدفاً للتصويب السياسي والشعبي، وتُشنّ ضده الحملات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع ليس لسبب إلا لأنه ينظر في ملف متورّط فيه سياسيون ومسؤولون رسميون”.

استقالات أخرى قادمة

كما أكد “أن استقالة هؤلاء القضاة لن تكون الأخيرة، فهناك قضاة يعتزمون اتخاذ الخطوة نفسها، للأسباب ذاتها أيضا، علماً أن من يُقدم على خطوة الاستقالة قضاة مشهود لهم بعملهم المستقل وبنزاهتهم، وهم خارج المنظومة السياسية الحاكمة ولا يخضعون لضغوط السياسيين”.

تهديدات حزب الله

أتت تلك المواقف بعد أن هدد مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا بـ”قبع” البيطار (إزاحته من منصبه) لأنه لا يعمل وفق ما يريد.

ومنذ أيام، قال نائب أمين عام حزب الله نعيم قاسم “إن مشهد القضاء اليوم في لبنان غير صحي، ليس له علاقة لا بحادثة ولا بقاضٍ، له ‏علاقة بمنظومة قضائية كاملة تتداخل بطريقة غير عادية، يجب إعادة النظر وإيجاد حل وإلا ‏الواقع القضائي غير صحي”.‏

يذكر أنه في لبنان، البلد القائم على المحاصصة السياسية والطائفية، لم يبق القضاء بمنأى عن المحسوبيات، إذ تتدخل السياسة حتى في التعيينات، خصوصاً في مجلس القضاء الأعلى، السلطة القضائية الأعلى.

وكان التحقيق في انفجار المرفأ غرق في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية عارمة خلال الفترة الماضية. فمنذ تسلمه التحقيق قبل نحو عام، لاحقت 16 دعوى المحقق العدلي طارق بيطار، تم التقدم بها أمام محاكم مختلفة، طالبت بكفّ يده ونقل القضية إلى قاض آخر، وأدت إلى تعليق التحقيق مرات عدّة.

وبعدما ردّت محاكم عدّة الدعاوى لأسباب مختلفة، وجد القضاة أنفسهم عرضة لدعاوى تقدم بها المسؤولون المدعى عليهم للتشكيك بصوابية قراراتهم.

Show More

Related Articles

Back to top button