تمام سلام: العونيون تصرفوا كميليشيا سياسية ولولا تغطية «حزب الله» لما استطاعوا التعطيل
بيروت: «الشرق الأوسط»
يصدر قريباً عن «دار رياض الريس للكتب والنشر» كتاب «الدولة المستضعفة» للزميل عبد الستار اللاز. يروي تفاصيل عن الفترة الصعبة التي تولى خلالها الرئيس تمام سلام رئاسة الحكومة اللبنانية التي كانت الأخيرة في عهد الرئيس ميشال سليمان، ثم خلال الفراغ الرئاسي الذي امتد عامين ونصف قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. ويروي الكتاب محطات أساسية واجهت سلام في هذه المسيرة التي أمضى منها عشرة أشهر وعشرة أيام وهو يسعى لتأليف حكومة «المصلحة الوطنية»، وسنتين وعشرة أشهر وهو يقود الحكومة التي تولت مسؤوليات رئاسة الجمهورية حسب الدستور في غياب رئيس الجمهورية.
وتنشر «الشرق الأوسط» مقتطفات من أحد فصول الكتاب بعنوان «الأشقاء حين نجعلهم خصوماً»، يتناول الصعوبات التي واجهت حكومة الرئيس تمام سلام في العلاقات مع الدول العربية، بسبب دور «حزب الله» وتدخلاته في الشؤون الداخلية لدول الخليج. فضلاً عن مواقف وزير الخارجية جبران باسيل التي كانت منحازة لإيران ولم تكن مرضية لمعظم الدول العربية.
ويتحدث الرئيس تمام سلام إلى الزميل اللاز عن الصعوبات التي واجهته بسبب تلك التدخلات، والدور السلبي الذي لعبه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر». ويقول:
أنا من مدرسة تعتبر السياسة عملاً نبيلاً له شروطه الأخلاقية كالنزاهة والشفافية والترفع ونظافة الكفّ التي تأتي قبل الموجبات الأخرى المتعلقة بالمعرفة والخبرة والكفاءة الإدارية. وأؤمن بأنّ ما يحتمله العمل السياسي من مناورات وتحالفات وخدع أحياناً يجب أن يتوقف عند حدود الإضرار بالمصلحة الوطنية العليا.
وعلى رغم معرفتي بدهاليز السياسة اللبنانية، التي راكمتها عبر السنوات بحكم تجربتي الشخصية في العمل العام، فقد صدمت بأداء هذه القوى التي تجاوزت كل السقوف والمحرّمات الوطنية خدمة لمصالح فئوية.
> تقصد بذلك التيار الوطني الحرّ؟
– هم وغيرهم. لكن العونيين بالذات تفوقوا على الجميع في تخطّي كلّ الحدود والتجرؤ على استخدام كل الوسائل للوصول إلى هدفهم السياسي في ترئيس العماد ميشال عون، ولو أدّى ذلك إلى عرقلة عجلة الدولة وصولاً إلى تعطيلها وتجميد مصالح المواطنين وإفقاد الوطن آخر مقوّماته.
كانوا يتصرفون كميليشيا سياسية، تقطع طريق الحكومة متى شاءت، وتجمّد عملها بذرائع شتى غير آبهة لصرخات الناس وتراكم الملفات الحيوية. تخطف مجلس النواب وتشلّ عمله لتطويع الاستحقاقات الدستورية وفق إرادتها، ولا يرفّ لها جفن مهما طال أمد الشغور في الرئاسة الأولى، ما دام قائدها لم يضمن تحقّيق حلمه التاريخي. استعملوا في معركتهم خطاباً فتنوياً وكلّ وسائل التحريض الطائفي، فبدوا كأنهم يستلحقون دوراً لم يلعبوه في الحرب الأهلية، مرتدين لباساً مستعملاً خلعه غيرهم منذ زمن بعيد.
وعن دور «حزب الله» يقول سلام:
– الحزب كان يتمايز عنهم أحياناً في التفاصيل، لكن في الأساسيات كان يقف دوماً إلى جانبهم. ولولا التغطية التي أمّنها لهم لما استطاعوا التمادي في سياسة التعطيل والعرقلة. طبعاً «حزب الله» يتحمل مسؤولية كبرى في هذه التجربة التي نحن في صددها. وأنا هنا لا أتحدث عن وزرائه الذين كانوا يتحلون على المستوى الشخصي باللباقة والأداء الجيد، بل عن السياسة العامة التي اتبعها مع حليفه من أجل إيصال ميشال عون إلى الرئاسة والأثمان التي تكبدتها البلاد في هذا السبيل.
علينا ألا ننسى أن من بين هذه الأثمان، القطيعة مع العالم العربي التي أدت إليها مواقف الحزب من دول الخليج، وتلك التي تفرّد بها وزير الخارجية جبران باسيل في المحافل العربية.