تحت المجهر

الثورة تكتشف الحزب: السلاح يستبيح الدولة ويمنع المحاسبة والإصلاح

للمرة الأولى منذ 17 تشرين الأول 2019 تجتمع “الثورة” ومجموعاتها وأحزابها، على عنوان واحد هو “حزب الله”. فبعد أن كانت العناوين، على مدى أكثر من سنة، متخبّطة وضائعة ومتناقضة، باتت اليوم أكثر وضوحاً وتركيزاً اليوم على “الميليشيا”، ضمن ثنائية “المافيا والميليشيا”. بعدما كانت “الثورة” تعادي حصراً “المافيا” المتمثّلة بالسلطة السياسية، تحت شعار “كلن يعني كلن”.

في نظر المجموعات التسع التي اجتمعت أمس الأوّل، للمرة الأولى على شعار موحّد، فإنّ سطوة “حزب الله” واستفزازاته ووقاحة إيران، ما عاد ممكناً السكوت عنها بعد اليوم. فالحزب، بالنسبة إلى “الثورة”، بات هو “المهدّد الأوّل للسيادة اللبنانية”، والوجه الآخر لثنائية “مافيا – ميليشيا” بين مستفيد، أو خائف أو منتظر تقطيع المرحلة.

يسأل البيان الصادر عن الاجتماع الأخير: “هل بات لبنان منزوع السيادة وتحت الاحتلال ولجمهوريتنا مرشدها الذي يخضع إلى القيادة العليا في إيران ويجعل من اللبنانيين أدرعاً بشرية؟”. سؤال هو الأوّل من نوعه بهذه الشراسة والتصويب، أعقب اجتماعها الدوري، وصوّب على “حزب الله”، ورفض “احتكار قرار الدولة وتجاوز المؤسسات الدستورية”.

المناسبة كانت الكلام الذي خرج به علينا قائد سلاح الجوّ في الحرس الثوري الايراني عن أنّ “لبنان وغزّة منصتان متقدمتان لصواريخ إيران”، ثم حديث الأمين عام لـ”حزب الله” حسن نصرالله بعد أيام قليلة الذي أوضح الواضحات ولم يغيّر المضمون. وذكّر المتحدّثان اللبنانيين بالويلات التي جلبتها صواريخهم إلى لبنان وما زلنا نعيش مأساتها إلى اليوم.

في نظر المجموعات التسع التي اجتمعت أمس الأوّل، للمرة الأولى على شعار موحّد، فإنّ سطوة “حزب الله” واستفزازاته ووقاحة إيران، ما عاد ممكناً السكوت عنها بعد اليوم

البيان ذكّر أيضاً بأنّ تحالف السلاح مع المنظومة السياسية الفاسدة “استباح الدولة وسيادتها واستجلب عداء العالم والعزلة الاقتصادية”، فأصبح عبئاً وحاجزاً أساسياً في وجه التغيير المنشود الذي انطلقت عشية الثورة.

كان لافتاً أيضاً تشكيك البيان بولاء كل من رضي بهذه ممارسات للوطن، من رؤساء ووزراء ونواب وقيادات روحية وسياسية. لم ينجُ رئيس الجمهورية ميشال عون من اللوم، على الرغم من الردّ الخجول الذي أطلقه عبر “تويتر”، وطالبوه بتوجيهه استنكار “أشدّ لهجة” من تلك التغريدة التي أطلقها من حسابه الشخصي. كما بدا مستغرباً عدم الطلب من وزير الخارجية استدعاء السفير الإيراني واستيضاحه رسمياً عن موقف بلاده من سيادة لبنان واستقلاله، ودعوة السلطات المختصة إلى “التشدد والتضييق على حركة الحرس الثوري الايراني من والى لبنان”.

في نظر هؤلاء الثوار فإنّ “الوطن لن ينتهي” على يد من جعلوه “دولة بوليسية”، واعدين بمزيد من رصّ الصفوف بغية تكوين “جبهة ثورية موحدة” في الأشهر المقبلة، لحضّ سائر اللبنانيين على “عدم الرضوخ لمنطق الترهيب والمساهمة في حماية السيادة كاملة”.

يقول الأمين العام لحزب “الكتائب اللبنانية” سيرج داغر في حديث لـ”أساس” إنّ صدى البيان “بات أعمق من البيانات السابقة”، ويتابع: “نحن كحزب متمسكون بالعمل المشترك ونتطلّع إلى تطويره من خلال مواجهة هذه المنظومة التي تحاول اليوم تجديد قواها من خلال تشكيل حكومة جديدة”.

يؤكد داغر أنّ “مواجهة تحالف المافيا والميليشيا هو مسؤولية وطنية، وبالتالي فإنّ اللهجة العالية التي تبنّاها البيان سببها وقاحة محور الممانعة. فكلّما ازدادت وقاحة إيران يقابلها حزب الله بمزيد من الاستفزاز. لاحظنا ذلك من خلال العراضات والصور والتماثيل التي رفعها في ذكرى اغتيال سليماني في الضاحية الجنوبية وعلى طريق المطار. خصوصاً أنّ هذه الوقاحة تنعكس لدى الفريق السياسي الآخر صمتاً وخوفاً”.

وعن ردّ رئيس الجمهورية على كلام قائد سلاح الجوّ الإيراني، قال داغر إنّه أتى “بلا طعم ولا لون”، واصماً إياه بصفات “الضعف والخجل”، مستخلصاً أنّ “حزب الله” لا يملك حلفاء وإنّما “تابعين”. في نظر داغر فإنّ الحزب “يكترث فقط لمن ينفذون سياساته”، سائلاً في هذا الصدد إن كان حزب الله يتشاور في هذه المواقف التي يطلقها مع “العهد”، حليفه الأوّل؟ فالحزب اليوم بات “يملك منظومة ركّبها هو من حوله قوامها المستفيدين ورافضي المواجهة الذين يطمحون لتقطيع الوقت، متّهماً كل من شارك بقرار التسوية الرئاسية بالخضوع لإرادة “حزب الله”، بدءاً من الموافقة على قانون الانتخابات الذي أعطى الأكثرية لحزب الله، ووصولاً إلى الخضوع لخياره في انتقاء الرئيس، سائلاً في نهاية الحديث: “إذا لم نواجه اليوم مع قرب انهيار لبنان وخرابه، فمتى نواجه وماذا يمكن أن نخسر؟”.

أما الناشط السياسي زياد عبد الصمد من “لقاء تشرين”، فاعتبر أنّ البيان الذي صدر “ليس الأوّل وإنّما الثالث من نوعه. هذه المجموعات إلى تزايد، ولا تجتمع دورياً فحسب، وإنما تؤسّس لجبهة موحّدة ضدّ هذه المنظومة الفاسدة. نحن نجتمع منذ نحو 5 أشهر، وقد أنجزنا الجوانب التنظيمية لإطلاق الجبهة بعدما أنهينا دراسة الآلية الخاصة باتّخاذ القرارات وبقبول الأعضاء الجدد وتبنّي التوجهات السياسية وبلورتها ضمن رؤى مشتركة. البيان الأوّل صدر عن 4 مجموعات، الثاني عن 5، والذي بين  أيدينا وقّعته 9 مجموعات”.

كان لافتاً أيضاً تشكيك البيان بولاء كل من رضي بهذه ممارسات للوطن، من رؤساء ووزراء ونواب وقيادات روحية وسياسية. لم ينجُ رئيس الجمهورية ميشال عون من اللوم، على الرغم من الردّ الخجول الذي أطلقه عبر “تويتر”

أما عن خلفيات البيان، فيؤكد عبد الصمد أنّها المواقف التي صدرت من الحرس الثوري والأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، والتي يعتبرها “انتهاكاً فاضحاً للسيادة، إن كان على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، في إطار جرّ لبنان إلى محاور لا تخدم مصلحته”.

برأيه أنّ المجموعات التسع تعاملت مع موقف قائد سلاح الجوّ الإيراني أمير علي حاجي زاده باعتباره “حدثاً مهماً وكبيراً ومفصلياً، لكن للأسف تعاملت معه القوى السياسية اللبنانية على أنّه تصريح عاديّ، أو ربما خافت من التصدّي له، وقد آن الأوان لتصويب البوصلة”.

ولم ينسَ عبد الصمد التهديدات التي تطال الناشطين كل فترة، فذّكر بالتهديد الذي طال مارك ضو وأشار البيان إليه بالاسم، كذلك يشير عبد الصمد إلى التخوين الذي طال الزميلة ليال الاختيار على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم التهديد الذي كشفت هي عنه أيضاً، من دون أن ينسى التوقيفات التي تحصل بعيداً عن الإعلام وكمّ الأفواه، وكذلك عمليات القتل كتلك التي وقع جو بجاني ضحيتها، مستخلصاً أنّ هناك تحوّلاً ممنهجاً صوب “الدولة البوليسية والقمعية”، ولا بدّ من العمل لإنتاج “جبهة وطنية مهمتها: استعادة الدولة، بناء الدولة الديموقراطية الحديثة، والدفاع عن الحريات العامة”.

اساس ميديا

Show More

Related Articles

Back to top button