بايدن: الصواريخ والسلوك الإيراني في المنطقة قبل “النووي”
باتت صورايخ إيران الباليستية هي القاسم المشترك، وقد يكون الوحيد، بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن. في النهاية ذهبت إدارة بايدن، قبل ايّام من دخول الأخير الى البيت الأبيض، الى حيث يفترض ان تذهب. ربطت بين إعادة الحياة الى الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الموقّع صيف العام 2015 في عهد باراك أوباما وبين الشروط، التي تجاهلها الاتفاق، والتي دفعت دونالد ترامب الى تمزيقه في 2018 وجعله يقول انّه “أسوأ اتفاق من نوعه”.
في مقدّم هذه الشروط الربط بين الاتفاق النووي الإيراني من جهة والصواريخ الباليستية الإيرانية والسلوك الإيراني في المنطقة من جهة أخرى.
من هذا المنطلق يمكن اعتبار كلام جايك ساليفان مستشار الامن القومي في إدارة بايدن بمثابة نقطة تحوّل في غاية الاهمّية والدلالات. قال ساليفان قبل أيّام قليلة إنّ إدارة بايدن ليست ضدّ العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقّعته إيران مع مجموعة الخمسة زائداً واحداً (البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن وألمانيا): “لكنّ الصواريخ يجب ان تكون على الطاولة”.
خلاصة مثل هذا الكلام، الذي يعني الكثير، أنّه لم يعد مطروحاً هل ستكون هناك حرب قبل مغادرة الرئيس الحالي للبيت الأبيض وان الحرب مرتبطة بإدارة ترامب فقط. بل ما صار مطروحاً أنّ شيئاً لن يتغيّر في عهد بايدن الذي صار على خطّ ترامب. سيظل خيار الحرب مطروحا بسبب الصواريخ الباليستية التي تقدّم، ربّما، الاهتمام بها على البرنامج النووي الإيراني…
الأكيد أنّ إدارة بايدن لا تستطيع الاعتراف علناً بلأنّ إدارة ترامب كانت على حقّ. الواقع أنّ هناك فريق عمل كان محيطاً بترامب يعرف إيران وتاريخها الحديث جيّدا، بدءاً باحتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني 1979. استطاع هذا الفريق بناء سياسة متماسكة في مواجهة إيران أوصلت إلى تمزيق الاتفاق في شأن ملفّها النووي وفرض مزيد من العقوبات على النظام. أثّرت هذه العقوبات على إيران تأثيراً كبيراً. وهذا ما يرفض أركان النظام الاعتراف به، مثلما يرفضون الاعتراف بانّه لن يكون في استطاعتهم التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة من موقع قوّة وذلك مهما تظاهروا بذلك ومهما عملوا من أجل تأكيد انّهم في لبنان وفي غزّة وأنّ صواريخ لبنان وغزّة الموجهة إلى إسرائيل جاءت من ايران وليس من ايّ مكان آخر.
مهما فعلت إيران، لن تستطيع الإمساك كلّيا بالعراق، الذي تعتبره الجائزة الكبرى، وذلك بالطريقة التي تريدها. مهما لجأت إلى عراضات مسلّحة يقوم بها “الحشد الشعبي”، وهو مجموعة ميليشيات مذهبية موالية لطهران، يبقى العراق العراق وتبقى إيران إيران. مهما فعلت إيران في لبنان لتأكيد أنّه يدور في فلكها وأنّ قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” موجود في كلّ حيّ شيعي، يظلّ أنّ إيران مرفوضة من معظم الشعب اللبناني الذي بات يعرف أنّها تستطيع أن تدمّر، لكنها لا تستطيع أن تبني.
هناك ما جعل الإدارة الأميركية الجديدة تعيد النظر بحساباتها وتخفّف من اندفاعتها الإيرانية وحماستها للعودة من دون شروط الى الاتفاق النووي. شمل ذلك، الرجل المفتاح، جايك ساليفان المعروف بمواقفه المتعاطفة مع العودة الى العمل بالاتفاق النووي الإيراني.
المصدر: اساس ميديا