دمج المشاريع في “الشؤون”: مصير أكثر من 500 موظف في المجهول
كتب جورج العاقوري في “أحوال ميديا”
في جردة تحت عنوان “إنجازات وزارة الشؤون الاجتماعية خلال 6 اشهر” من فترة إستلام البروفيسور رمزي مشرفية للوزارة نشرت على موقع “الوزارة” الإلكتروني في 30/11/2020، ذُكر بند دمج المشاريع المنبثقة وتوفير أكثر من 4 مليار ليرة لبنانية على الخزينة اللبنانية.
إلا أنه حتى اللحظة لم ينجز الدمج ولا خطوات عملية داخل الوزارة حيث أن قرار الوزير عالق عند المدير العام القاضي عبدالله أحمد ولم يسجّل بعد في الديوان ليصبح نافذاَ. ما يعني أنه في حال إستمرت المرواغة الى نهاية العام (المهلة النهائية المعطاة من ديوان المحاسبة تنتهي مع صدور موازنة العام 2021)، يسقط الدمج وتحال المشاريع المنبثقة وعددها 22 الى التصفية أي يفقد لبنان مشاريع عدة ملحّة في هذا الزمن الإقتصادي والإجتماعي البائس ويخسر أكثر من 500 مواطن عمله.
فما هي قصة الدمج وما المشاريع المعنية؟ كيف تم التوفير؟ ألم يكن هناك مشاريع تستحق أن تبقى مستقلة وأخرى يجب أن تلغى كلياً؟
بادئ ذي بدء طُرح ملف إعادة النظر بالمشاريع المنبثقة في نهاية فترة تولي الوزير السابق الدكتور ريشار قيومجيان لحقيبة الشؤون خريف العام 2019 حيث بدأ العمل عليه بالتنسيق مع ديوان المحاسبة الذي حدد نهاية العام 2020 لدمج المشاريع وإلا تحال الى التصفية.
ومع الوزير مشرفية إستكمل العمل على الملف والتوجه كان إدراج المشاريع المنبثقة تحت خانات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة على أبعد تقدير، ومن هذه المشاريع: دعم الأسر الاكثر فقراً، تأمين حقوق المعوقين، المركز النموذجي للمعوقين، التنمية الإجتماعية والإقتصادية المحلية، المجلس الاعلى للطفولة، دعم مصابي الألغام، التطوع، صندوق المحاسبة، مركز التدريب الإجتماعي، الأدوية، المستودع المركزي، الإعلام التنموي والإتصال السكاني، الصحة الإنجابية الجنسية، تشجيع وتطوير الحرف والصناعات اليدوية، الوقاية من الإدمان، تعليم الكبار، التغذية للمطاعم المدرسية المجنية، السكان والتنمية، دعم الأسرة ومكافحة التسول.
وعلم موقع “أحوال” أنه ستشرف على البرامج التي تضم البرامج المدمجة لجان إدارية من العاملين في الوزارة تعيّن من قبل الوزير وتضع الأنظمة الداخلية لتلك البرامج وآلية عملها على أن يتم الحفاظ على الحقوق المكتسبة في الأجر والأقدمية مع أن تراعى الدرجة العلمية وسنوات الخبرة.
إلا أن القلق والخوف على المصير يعتري العاملين في هذه البرامج – بعضهم منذ أكثر من 20 عاماً – جراء عدم وضعهم بتفاصيل الدمج من جهة وتخوفهم من تلكؤ المدير العام عن تسجيل قرار الوزير، فتمرّ حينها المهلة الزمنية المحدّدة من قبل ديوان المحاسبة وتذهب المشاريع الى التصفية، كما أفاد بعضهم لـ”أحوال” وسط أحاديث عن “كيدية” في تصرفات المدير العام وحسابات له.
صحيح أن السواد الأعظم منهم لم يدخل عبر مجلس الخدمة المدنية بل عبر “إبتكارات” عقود تعددت أسماؤها وعبر المحسوبيات والزبائنية في أحيان كثيرة إلا أن كثراً يتمتعون بكفاءات عالية وواصلوا تحصيل المزيد من الشهادات الجامعية وراكموا الخبرات واصبحوا قيمة مضافة للادارة اللبنانية.
من حق هؤلاء العاملين أن يعرفوا مصيرهم وفي الأساس بعضهم لم يحصل على مستحقاته المالية منذ 18 شهراً. كما من حق اللبنانيين أن يعرفوا هل جميع المشاريع تستحق الدمج أم كان يجب تصفية بعضها لعدم فعاليته مثلما فعل الوزير السابق بيار بو عاصي حيث “تجرأ” على عدم تجديد عقود نحو 600 موظف وأنهى مشروعاً؟ (مصاريف الرواتب والأجور تفوق في بعض الاحيان بأضعاف كلفة الأنشطة أو الخدمات المقدمة).
وفي المقابل، هل من المنطقي دمج مشروع كمشروع “دعم الأسر الأكثر فقراً” عوض تعزيز إستقلاليته وقدراته في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان؟ كيف سيتم تحقيق الوفر الذي أعلن عنه ورجّح انه سيكون بأكثر من 4 مليار ليرة لبنانية؟ هل سيتأتى فقط عبر تخفيض عدد اللجان في المشاريع أي من 22 الى 6 ويبقى جميع العاملين في وظائفهم كما يشاع؟ ألا توجد بطالة مقنّعة وأشخاص غير مجديين؟ ألا يجب ترشيد هذه المشاريع لإنقاذ المجدي منها خصوصاً ان هناك التزامات من قبل لبنان بشرع ومواثيق واتفاقات دولية قد تتأثر متى أوقفت بعض المشاريع؟
“أحوال” تواصلت مع مكتب الوزير مشرفية لإستيضاح الأمور ومحاولة الحصول على أجوبة وفق قانون حق الوصول الى المعلومة ومعرفة مصير الموظفين والخطوات في حال استمر المدير العام على موقفه، فأشار مرة أخرى الى أن بياناً سيصدر في هذا الشأن هذا الأسبوع خصوصاً ان “الامر لم يحسم بعد”.
ربما كل هذه الاسئلة سيتخطاها الواقع اللبناني في القريب العاجل حين تنطلق ورشة الإصلاحات التي يربط المجتمع الدولي والدول المانحة أي مساعدات بها، حيث لا مفرّ من تطهير القطاع العام أكان في الوزارت أو المؤسسات العامة من “عفن” الزبائنية والبطالة المقنعة وتخمة الأعداد. لكن في الإنتظار، هل يلتزم مدير عام بقرار الوزير بإجراء الدمج وهل من يطمئن العاملين عن مصيرهم؟