تحت المجهر

المالية ليست حكراً على الشيعة: الثنائي الشيعي يزور إتفاق الطائف

تبرز وزارة المالية كإحدى أبرز القضايا الخلافية، حيث يتمسّك الثنائي الشيعي، المتمثّل بحزب الله وحركة أمل، باحتفاظ الطائفة الشيعية بهذه الحقيبة الوزارية. وقد أكّد ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله: “حصول الشيعة على حقيبة المالية تم البتّ فيه في اتفاق الطائف”.

لكن مراجعة الحكومات التي تشكلت بعد اتفاق الطائف عام 1989 تُظهر أن وزارة المالية لم تكن حكراً على الشيعة. فمنذ أول حكومة في عام 1992 وحتى عام 2011، تقاسم الحقيبة 8 وزراء شيعة، و8 وزراء سنة، و3 وزراء موارنة، ووزير أرثوذكسي. غير أن الحقيبة أصبحت منذ حكومة تمام سلام عام 2014 وحتى اليوم حصرية للطائفة الشيعية، ما أثار جدلاً متجدداً حول هذا الموضوع.

حقيقة تخصيص المالية للشيعة في الطائف

للإجابة عن هذا التساؤل، يؤكد الوزير السابق إدمون رزق، الذي كان مشاركاً في صياغة دستور الطائف، أن هذه الحقيبة لم تُخصص للطائفة الشيعية بموجب الاتفاق. ويقول: “الرئيس نبيه بري لم يكن حاضراً في مؤتمر الطائف، ومع الاحترام له، نجزم أن مسألة تخصيص المالية للشيعة لم تُبحث في الطائف ولم تُقر”.

رزق أشار إلى أن اتفاق الطائف بُني على مبادئ الكفاءة والاختصاص بعيداً عن التصنيفات الطائفية، مضيفاً: “الدستور اللبناني، إذا طُبّق بعدل ودقة، يُرضي جميع اللبنانيين. لا يوجد أي نص في الاتفاق يُخصص المناصب أو الوظائف لأي طائفة”. ودعا رزق إلى العودة للنصوص الأصلية، قائلاً: “كل ما بحث في الطائف دُوّن ولا يمكن القول إن هناك أعرافاً طُبّقت خارج النصوص”.

بطرس حرب: حصر المالية بالشيعة غير دستوري

الوزير والنائب السابق بطرس حرب، الذي شارك في مفاوضات الطائف، يوضح أن تخصيص وزارة المالية للشيعة طُرح في المناقشات، لكنه لم يُقرّ. ويقول: “المسألة رُفضت بشكل واضح، وما يجري اليوم محاولة لفرض أعراف جديدة بقوة السلاح وليس بالقانون”.

حرب يشير إلى أن تمسك الثنائي الشيعي بحقيبة المالية يأتي لأهميتها الاستراتيجية، حيث يملك وزير المالية سلطة تعطيل المراسيم الحكومية وإدارة التعيينات والقرارات الأساسية. ومع ذلك، يرى أن التمسك بالحقيبة قد يُعيق تدفق المساعدات الدولية اللازمة لإعادة الإعمار، خصوصاً أن المجتمع الدولي يشترط وجود شخصيات موثوقة في مواقع القرار المالي.

يبقى توزيع الحقائب الوزارية في لبنان اختباراً حقيقياً للعهد الجديد، في ظل تمسك بعض القوى السياسية بمكتسباتها الطائفية. ومع ذلك، فإن العودة إلى نصوص اتفاق الطائف وروحيته القائمة على العدل والكفاءة قد تكون الطريق الوحيد للخروج من الأزمات المتكررة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى