رد “قواتي” واقعي على رد وهمي عوني
أبدأ بشكر ميشالا حاتم التي توجّهت برد نشره موقع التيار الإلكتروني بعنوان “إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع كامل الإحترام”، هذا العنوان اللائق لرد أرادته ميشالا سياسياً محترماً، قد يكون لجذب القراء، ولتصفية النوايا، نقول فعلت ذلك لتسبح عكس ردود التيار العشوائية والحاقدة الخالية من أي منطق سياسي والمتخمة بنبش قبور والتي غالباً لا تستحق الردود إلا بما يشبهها من إسفاف وتطاول، ولهذا السبب تستحق ميشالا رداً سياسياً ومحترماً على المغالطات التي وقعت بها خلال السرد.
لنبدأ بالتأكيد أن الدكتور سمير جعجع لا يحتاج إلى استغلال القداس الإلهي لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية لإطلاق مواقفه التي يعلنها عند كل إطلالة، وهذه المواقف من الطبيعي أن تكون بحجم الأحداث وبقدسية الحدث في حضرة الشهداء الذين لم يرتفعوا من أجل هذا اللبنان.
لسنا ضد الفكر العوني بالمطلق، حرية الرأي والمعتقد هي بقدسية الشهادة، لنا وللآخرين، وهذا مصدر غنى للبنان، لكن المشكلة في النهج العوني التعطيلي على طريقة “أنا أو لا أحد” أو “لعيون صهري” وليس أي صهر، جبران باسيل فقط. المشكلة الثانية هي في الشخصنة التي تعتمدونها، فالدكتور جعجع تناول جميع القضايا والأزمات والأطراف التي يعاني بسببها لبنان ولم تجدوا في كلامه سوى استهدافه للتيار. وحتى لو استهدف التيار فهذا مشروع في السياسة لا بل هو واجب قبل أن يكون حقّ مما يعزز التنافس السياسي في تقديم الأفضل لما فيه مصلحة لبنان، كما يؤدي دوره في تحسين وتحصين صورة المسؤولين من دون الحاجة لشراء خدمات لهذه الغاية.
تهديد وجودنا تجاوز مسألة القوات اللبنانية ليطاول مجتمعاً بحضارته وثقافته ومعتقداته وتناوب على المحاولة جحافل محلية ومستوردة، لمعلوماتك، ومن يرغب الإطلاع، في العام 1989 كان التوجّه لتوسيع الحكومة العسكرية برئاسة العماد ميشال عون وبدأت القوات اللبنانية في إجراء ما يلزم من جهتها من دون الغوص بالتفاصيل، وبعدها تخلّت القوات عن الحوض الخامس وبعض المواقع الأخرى وعن الجبايات بالإضافة إلى تفاصيل كثيرة، كل ذلك لتفادي الصراع في المناطق الشرقية آنذاك، والتي لم تنفع للأسف في إبعاد الكأس المر، كل ما عدا ذلك يدخل في إطار التشويه والتزوير.
في مصالحة معراب، قامت القوات بواجباتها ونفّذت الشق المتعلّق بها واستفاد المسيحيون في توحيد الرؤية بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لانتخاب العماد عون رئيساً، ومن ثم الوصول إلى قانون انتخابات يعيد لهم جزءاً من حقوقهم في الحصول على نواب يمثلونهم، وكان بإمكان التعاون أن يؤدي إلى لبنان أفضل بكثير مما كان عليه، من دون الحاجة للمقارنة بما هو عليه اليوم من بؤس.
لا أريد الغوص بخلافات الماضي، فخلافات الحاضر تكفي وتزيد، نقض اتفاق معراب بدأ في الحكومة الأولى للعهد مع التذاكي بموضوع الحصص الوزارية تحت حجج واهية، تجاوزناها، ليبدأ الخلاف مع خطة الكهرباء التي وافق عليها وزراء القوات وحرصاً على الشفافية وأملاً بأن العهد جاء لتغيير النهج القائم، جلّ ما طلبته القوات أن تحصل دفاتر شروط المناقصات والتلزيمات على موافقة ومباركة دائرة المناقصات الأمر الذي فشل الوزير سيزار أبي خليل فيه، فأين أخطأت القوات، وهل كان عليها البصم على الخطأ؟
ننتقل إلى آلية التعيينات التي اعتمدها الوزير ملحم رياشي في وزارة الإعلام والتي لو لم تكن موجودة لكان يجب على عهد التغيير والإصلاح إيجادها لتقديم نموذج مؤسساتي مختلف، فأين أخطأت القوات؟
هل يجب على سفينتنا أن تبحر مع التيار من دون سؤال او استفسار ولا حتى إبداء الرأي؟ هل هي جريمة أن نعارض إنشاء سد بسري بعدما رأينا نتائج سدود المسيلحة وبريصا وبلعا؟ لا أبداً، معارضة رأيكم المبنية على وقائع دامغة ليست عرقلة، نحن حزب قائم بمؤسساته ودراساته ويحكم على الأمور بحسب ما يرى لا بما يُملى عليه، حتى في مناسبة قداس الشهداء تريدون أن تفرضوا علينا ما نقوله وما لا نقول، شخصنة من جهة وشمولية من جهة أخرى.
وكي لا أطيل أكثر، ولأن الوقائع التي تدحض زعم استهداف التيار دون سواه، تكفي العودة إلى الإنتخابات النيابية الأخيرة وقراءة خارطة التحالفات لمعرفة من كان محاصراً في الإنتخابات وخاضها شبه وحيداً في كل لبنان وحصد نتائج مشرفة بالحصول على 15 نائباً، ومن خاضها متحالفاً مع كلن يعني كلن، ألا تؤشر تلك التحالفات إلى رغبة جميع الأطراف في تحجيم كتلة الجمهورية القوية للحد من دورها؟
لم تخطئ القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر منذ بدأت حالة العماد عون وحتى اليوم، ولكن للأسف، كما لم تتحقق وعود رئيس الحكومة العسكرية آنذاك لم تتحقق وعود رئيس الجمهورية اليوم، والثمن غالٍ جداً جداً جداً، ولو كان بإمكان القوات أن تفعل المستحيل والمحال لتفادي هذا المأزق لما تأخرت.
المصدر: فريق موقع القوات اللبنانية – ليبان صليبا