أرقام مرعبة.. الانفجار يقضي على ما تبقى من فتات الاقتصاد اللبناني
في وقت يعاني فيه لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية والسياسية والصحية، هبت نيران انفجار الرابع من آب لتحرق ما تبقى من محاولات يائسة وتعمق الجراح وتزيد الطين بلة وتجعل الأوضاع أكثر قتامة وتفاقم التداعيات الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وقدر محافظ بيروت، مروان عبود، كلفة الدمار في العاصمة بيروت إثر الانفجار الهائل الذي ضرب مرفأ بيروت بأكثر من 3 مليارات دولار، غير أنه قال إن التقارير النهائية حول الخسائر الإجمالية للانفجار ستصدر خلال الفترة المقبلة بناءً على تقديرات المهندسين والخبراء المعنيين.
وخلف الدمار أيضًا مشكلات في الأمن الغذائي بعد تدمير صومعة الحبوب الرئيسة في المرفأ، ومخزون الحبوب يكفي لأقل من شهر.
حقائق هامة
وأضاف عبود أن الضرر الناتج عن انفجار المرفأ طال نحو نصف العاصمة اللبنانية، وبات نحو 300 ألف شخص مشردين في بيروت، وصارت منازلهم غير صالحة للسكن.
واكد عبود: “إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها”، معتبرًا أنه يشبه الانفجارات الناجمة عن القنابل النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناغازاكي..
وذكر وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة لرويترز أن لدى بلاده احتياطيات من الحبوب تكفي “لأقل قليلًا من شهر“ .
دمر انفجار مرفأ بيروت صومعة الحبوب الرئيسة في البلاد، وفق نعمة، مضيفًا: ”نبحث حاليًا عن مساحات تخزين“.
يحتاج لبنان إلى مخزونات تكفي لثلاثة أشهر على الأقل لضمان أمنه الغذائي.
وذكرت وسائل إعلامية أن لبنان يسعى على الفور إلى نقل 4 سفن تحمل 25 ألف طن من الطحين إلى ميناء طرابلس.
دولياً، بدأت المساعدات الطبية العاجلة والمستشفيات الميدانية الوصول إلى لبنان، في حين هرعت دول العالم إلى عرض مساعداتها وتقديم تعازيها إثر الإنفجار الذي هز بيروت.
وتعهد رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، بمحاسبة المسؤولين عن حادث الانفجار الكبير الذي وقع اليوم في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت.
وأوضح دياب أن المستودع الخطير الذي وقع فيه الانفجار موجود في بيروت منذ 6 سنوات، مضيفًا: “ستكون هناك حقائق تعلن عن هذا المستودع الخطير الموجود منذ 2014”.
وفي هذا الصدد، قال محللون مختصون، إن التفجيرات التى هزت بيروت تحمل تبعات اقتصادية كبيرة إذ تأتي في وقت تعاني البلاد على نحو غير مسبوق، ويزيد ضعف الظروف المالية التي تمر بها ويضعف العملة المحلية.
أشار المحللون إلى أن تداعيات الانفجارات على الاقتصاد تضاعف جراح لبنان الاقتصادية في ظل ما يعانيه من احتجاجات شعبية واسعة واستقالات حكومية واسعة وأزمة البنك المركزي، مما يشير إلى المزيد من الضبابية بالمشهد الاقتصادي بالمستقبل.
يعيش لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، إذ خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم وتآكلت قدرتهم الشرائية، فيما ينضب احتياطي الدولار لاستيراد مواد حيوية مدعومة كالقمح والأدوية والوقود.
أزمة ديون
كما تخلّفت البلاد في مارس (آذار) الماضي، وللمرة الأولى في تاريخها، عن تسديد مستحقات بقيمة 1.2 مليار دولار من سندات اليوروبوندز التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي للحصول على قروض ميسرة.
يقع لبنان تحت عبء الدين العام الذي يناهز 92 مليار دولار ما يعادل نحو 170 في المئة من قيمة الناتج الإجمالي المحلي، فيما يطمح إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 ملياراً أقرّها مؤتمر “سيدر” الذي عُقد في باريس في 2018.
يأتي الانفجار في وقت كان ينشد فيه لبنان التعافي من تأثيرات فيروس كورونا المستجد واستئناف الأنشطة السياحية التي تعد مصدراً رئيساً للدخل، فضلاً عن الحصول على ثقة صندوق النقد الدولي وإتاحة قرض سريع لدعم العملة المنهارة.
انكماش اقتصادي
من جهته حذر صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي، من أن الأوضاع في لبنان تتفاقم وسط أزمة اقتصادية ومالية عامة، متوقعاً انكماشاً من رقم ثنائي للناتج المحلي خلال 2020.
كما ذكر الصندوق أن لبنان يواجه تحديات جسيمة يقتضي التنفيذ العاجل والحاسم للإصلاحات بشكل عام من أجل استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، بجانب وضع إجراءات أخرى لدعم الاقتصاد على المدى القصير