وثائق رسمية تكشف تورط حزب الله في قتل محتجين ببغداد
كشفت وثائق استخبارية اطلعت عليها “اندبندنت عربية” أن كتائب حزب الله العراقية، التي يقودها نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وترتبط مباشرة بالحرس الثوري الإيراني، هي المسؤولة عن الهجوم المسلح الذي تعرض له المتظاهرون قرب جسر السنك وساحة الخلاني، الموازية لساحة التحرير، وسط بغداد، مساء يوم الجمعة، وتسبب في سقوط عدد من القتلى والجرحى.
أسلحة متوسطة وقاذفات صواريخ
أكدت الوثائق الصادرة عن وزارة الداخلية، أن عناصر هذه الميليشيا التي تنتمي رسمياً إلى هيئة الحشد الشعبي، المصنفة على أنها جزء من القوات المسلحة العراقية، وفقاً للقوانين النافذة، أودعوا أسلحة متوسطة وقاذفات صواريخ من نوع RBG في مقرهم في أحد المساجد شرق بغداد، بعد استخدامها خلال الهجوم المسلح.
وتحدثت الوثائق بدقة عن تجمعات وحركة سلاح بين التاسعة والحادية عشرة من مساء الجمعة، وهي الساعات التي شهدت تنفيذ الهجوم المذكور، مشيرة إلى أن تعداد المهاجمين تراوح بين 300 و400 مسلح.
ووصفت الوثائق نوعية المركبات التي استخدمها المهاجمون، ورصدتها كاميرات متظاهرين لحظة تنفيذ الهجوم.
الصدر والخزعلي
وفقاً لمصادر مطلعة، فإن 11 متظاهراً، وثلاثة من أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، قتلوا خلال هجوم ميليشيا كتائب حزب الله على متظاهري السنك والخلاني، فيما أصدر مقرب بارز من الصدر تعليمات صارمة بالامتناع عن استخدام السلاح.
وقال شهود عيان إن مدنيين من أتباع الصدر حاولوا حماية المتظاهرين خلال الهجوم، لكن قيس الخزعلي، زعيم حركة عصائب أهل الحق، التي اتهمت الجمعة بمساعدة كتائب حزب الله في الهجوم، أشار إلى أن أنصار الصدر كانوا مسلحين في الموقعين، مطالباً بإخلاء الساحات منهم.
وعندما كان الخزعلي يعلق على هذه التطورات، كانت وسائل الإعلام تتداول أخبار شموله بالعقوبات الأميركية، بسبب تورطه في قتل المتظاهرين العراقيين.
وسبق الهجوم على السنك والخلاني، تنظيم تظاهرة الخميس لعناصر من ميليشيات عراقية موالية لإيران في ساحة التحرير، طعن مشاركون فيها معتصمين بالسكاكين.
جمهور منظم
بعد فشل تجربة التظاهرات المضادة، التي نفذتها الأحزاب الحاكمة، في إجهاض حركة الاحتجاج الواسعة ضد الفساد وسوء الإدارة والمحاصصة، تختبر السلطة نموذجاً جديداً يقوم على فكرة “التوازن الاجتماعي” في ساحات التظاهر، على اعتبار أن المحتجين لا يمثلون الشعب العراقي كله.
وفي هذا السياق، تشجع الأحزاب السياسية الكبيرة جمهورها المنظم، على النزول إلى الساحات، ومحاولة خلق التوازن مع المتظاهرين الموجودين فيها منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من خلال رفع شعارات مختلفة.
ولتمكين الجمهور الحزبي من الصمود في الساحات، تعمل الأحزاب على إشاعة مفاهيم جديدة، من قبيل ضرورة حماية المراجع الدينية الشيعية والحفاظ على سلمية التظاهرات، لتكريس فكرة تشير إلى أن المحتجين المطالبين بإسقاط النظام لم يكونوا سلميين، أو أن لديهم نوايا تتعلق بتفكيك المنظومة المذهبية، التي يقوم عليها النفوذ الشيعي في البلاد.
عملياً، بدأ الجمهور الحزبي في الاستجابة جزئياً لهذه الدعوات، لا سيما عندما ترتبط بفكرة أن التظاهرات التي انطلقت في أكتوبر، تهدد استمرار مؤسسات الدولة في أداء مهامها، وتقترب من إفشال العام الدراسي الحالي بسبب انخراط قطاع واسع من الطلاب والمدرسين في الإضراب.
الموظفون الحكوميون
يراهن القادة السياسيون على استفزاز مشاعر الموظفين الحكوميين بشأن مصدر رزقهم. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عددهم يناهز الخمسة ملايين موظف. وبالمقارنة بأعداد المتظاهرين في ذروة حركة الاحتجاج، ستكون الغلبة للموظفين.
وتسعى الأحزاب إلى حصد ما زرعته خلال الأعوام الماضية، عندما وفرت وظائف حكومية لجماهيرها، لضمان نفوذها في مؤسسات الدولة من جهة، وضمان ولائهم لها من جهة أخرى.
وفي هذه المرحلة، تغذي إشاعات عن إمكان توقف الرواتب الحكومية إذا استمر المحتجون في الضغط على الشرايين الاقتصادية للدولة، لا سيما عمليات إنتاج النفط وتصديره. إذ يمول البترول نحو 95 في المئة من الموازنة السنوية للبلاد.
ويتحدث نشطاء في ساحة التحرير عن “جمهور مختلف”، بدأ يظهر في موقع الاحتجاج خلال اليومين الماضيين، ما يمكن أن يمثل مقدمة لنجاح خطة السلطات العراقية في صناعة التوازن الاجتماعي داخل ساحات التظاهرات في بغداد والمحافظات الأخرى.
المصدر: اندبندنت