إيران في أدنى التصنيفات العالمية تكنولوجيا
تختلف مستويات تقدم الدول على كافة الأصعدة وفقا لحكمة قياداتها في استثمار مواردها وتوظيفها فيما يصب في مصلحة بلادهم، وتقوم معظم الدول الفقيرة بالموارد بإجراء بحوث ودراسات مستفيضة بحثا عن وسائل تؤمن بها المستوى الاقتصادي المناسب للنهوض بمستويات المعيشة فيها وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها، أما في إيران، الدولة ذات الموارد الطبيعية المتنوعة كالبترول والغاز وغيرها من الثروات التي تم استغلالها في التخريب والإفساد بدلا عن التعمير والإصلاح، وضاعت بين الفساد في الداخل وتأجيج الفتن الطائفية والمشاريع التوسعية في الخارج؛ تتجرع الشعوب الإيرانية مرارة العيش وشتى أنواع المآسي، وتعاني كثيرا من المشاكل الاقتصادية والمعيشية والمجتمعية، فقد نخر الفساد بكافة أنواعه في مختلف المؤسسات، وحاصر الفقر والبطالة ثلثي السكان، وتعاني كافة الطبقات من ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم تتصاعد، وتنتشر الجريمة بكافة أنواعها في المجتمعات الإيرانية كانتشار النار في الهشيم، وأصبح موقع إيران على أغلب المؤشرات في المؤخرة أو قريبا منها، وعجلة التطور تكاد لا تدور.
وتقبع إيران في عقر التصنيف العالمي لمؤشر “الجاهزية الإلكترونية” حيث تأتي في المرتبة 68 من بين 70 دولة، وفي المرتبة 102 من بين 193 دولة من حيث الجاهزية للحكومة الإلكترونية، وفي المرتبة 117 من بين 193 من حيث المشاركة الإلكترونية للجمهور، وفي المرتبة 174 من بين 181 دولة من حيث سرعة الإنترنت.
إن من أهم المؤشرات على تطور الدول وتقدمها، كثرة الاختراعات والابتكارات واستخدام التكنولوجيا في شتى المجالات كالحكومات الذكية وغيرها من الاستخدامات اليومية للتكنولوجيا، ومن أهم المجالات التي يجب استخدام هذه الاختراعات فيها هو المجال الطبي الذي يتعلق بإنقاذ حياة الناس وتمتعهم بصحة أفضل تعينهم على العيش في بلد يصعب فيه الحصول على لقمة العيش بكرامة إلا بشق الأنفس، ووفق تصريحات العديد من المسؤولين الإيرانيين فإن مستوى الاختراعات والابتكار العلمي والتكنولوجي في إيران متدن جدا، ولا يقاس التقدم العملي والتكنولوجي بعدد المقالات والأبحاث، فالتنمية العلمية لها مؤشرات أخرى مثل الابتكار وبراءات الاختراع وغيرها، والتي هي في أدنى مستوياتها في إيران، وهذه التصريحات إن دلت على شيء فهي تدل على أن ما يكتبه الإيرانيون في مقالاتهم حول تقدمهم العلمي وتطور العلم في بلادهم ما هو إلا كلام وحبر على ورق ولا جديد أو تقدم فيه، فالواقع وبتصريح مسؤول في وزارة الصحة يحكي أن وضع الاختراعات والابتكارات غير مقبول وأن نظام الملالي لا يفكر في تطويره، فهو ليس على قائمة الاهتمامات الإيرانية، وذلك لأن الحكومة في واد وشعوبها في واد آخر، فبينما يبحث النظام عن فتنة طائفية في دول الجوار ليثيرها أو مشروع اتفاق نووي يبيع إلى شعوبه أوهاما بأنه سيحل كل مشاكلهم، يعاني المجتمع الإيراني من قصور في مختلف المؤسسات لأن المواطن ليس هو همّ النظام، بل المصالح الأيديولوجية التي يسعى النظام إلى تحقيقها والتي أعمت عينيه عن شعوبه المظلومة الفقيرة؛ هي كل ما يصبو إليه.
كما كانت الصحف الإيرانية قد نقلت أسف وزير الصحة الإيراني “سيد حسن قاضي زاده هاشمي” من أوضاع المستشفيات في العاصمة طهران، وبعد زيارته لعدة مستشفيات في طهران قال: إنني أشعر بالإحراج والخجل من ظروف هذه المستشفيات ونقص عدد الأسرة فيها، وأضاف: إن مستشفياتنا تبعد كثيرا عن الوضع المطلوب وحتى عن وضع مستشفيات الدول المجاورة، كما كانت صحيفة “جمهوري إسلامي” قد نشرت تصريحات نائب وزير الصحة الإيراني “محمد هادي إيازي” حول مشكلة نقص الأسرة في المستشفيات الإيرانية، والتي قال فيها: إننا نواجه مشكلة نقص الأسرة في المستشفيات الإيرانية، وهذا النقص يبلغ نحو 60 ألف سرير، ومن أجل حل هذه المشكلة فإننا بحاجة إلى 25 ألف مليار تومان، وأضاف بأن النظام الصحي في إيران على الرغم من كافة الإجراءات الحكومية، مازال يعاني من مشاكل خطيرة.
لقد دفعت سياسات النظام الإيراني الخاطئة وغير المسؤولة المستشفيات في إيران إلى هذا الوضع المأساوي على الرغم من أنها دولة تمتلك الكثير من الثروات والموارد التي استنزفتها عندما جرت بلادها إلى عقوبات أنهكت اقتصادها وأثرت على قدرتها في تطوير قطاع الصحة وشراء الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة التي يتم استخدامها عالمياً وبفعالية في علاج الناس والقضاء على الأمراض، وقد قال مساعد وزير الصحة ورئيس هيئة الغذاء والدواء “رسول ديناروند”: إن هنالك معدات وأجهزة لم نسمح بدخولها إلى الدولة ومع ذلك تستخدم في الأسواق والمستشفيات، وقال: إن وجود مثل هذه المعدات والأجهزة المهربة يعتبر نقطة ضعف في النظام الصحي في إيران، ودعا إلى تشديد الرقابة على عملية استيراد المعدات والأجهزة الطبية إلى الدولة”. وهذا الضعف الذي تحدث عنه المسؤول ليس في قطاع الصحة فحسب بل في مختلف القطاعات الحيوية في المجتمع، والتي تحتاج إلى الدعم والتطوير المستمر كالقطاع التعليمي وقطاع المواصلات والاتصالات وغيرها.
ومن أهم القطاعات التي يبدو الضعف والرداءة فيها واضحين هو الانترنت الذي أصبح من أساسيات الحياة اليومية للمواطن العادي، فعبره يتم التواصل بين الناس وإدارة أعمالهم وأموالهم، والكثير من الأمور التي يستخدم فيها، وهو اليوم من أهم مصادر المعلومات لأنه الأسرع والأقرب إلى كل دول العالم، إلا إيران تتذيل قائمة دول العالم من حيث سرعة الانترنت، فقد أوردت صحيفة “جام جم” تقريراً عن رداءة سرعة الإنترنت في إيران مستنتدة إلى آخر تصنيف عالمي للدول من حيث سرعة الإنترنت قالت فيه: إن إيران في آخر تصنيف عالمي للدول من حيث وضع الإنترنت، حازت على المرتبة 147 من بين 200 دولة من حيث سرعة تحميل الإنترنت ذات النطاق العريض، وحصلت على المرتبة 98 من بين 114 دولة من حيث سرعة التحميل على الموبايل، وأضافت الصحيفة أنه تم تحديد وضع الإنترنت في إيران ومقارنة سرعة وسعر بروتوكول الاتصال مع بقية دول العالم من خلال موقع “نت إيندكس”، واتضح أن سرعة التحميل في إيران أقل من المتوسط العالمي، وجاءت إيران في المرتبة 147 وهي أقل من العراق والبوتان والمغرب وجزر فيرجن…
لقد حرمت الحكومة الإيرانية شعوبها من استخدام الانترنت بحرية وذلك لأنها تريدها أن تبقى منشغلة بهموم حياتها اليومية بعيدا عن التطور والتقدم والانفتاح على العالم الخارجي، وخوفا من أن تطالب بحقوقها المشروعة التي حرمت منها زمنا طويلا، لا تريدها أن تسمع إلا أصوات مسؤوليها الذين يتفننون في إصدار التصريحات التي هي مجرد مسكنات تتجرعها الشعوب الإيرانية ولا تكاد تسيغها لكثرة ما سمعتها من قبل ولم تجن في واقعها إلا مرارتها وزيفها.
يعيش العالم في هذا القرن ثورة رقمية وعلمية ديناميكية تسعى كثير من الدول إلى مواكبتها وتخصص جزءا كبيرا من رؤوس أموالها لدعم الابتكارات والاختراعات العلمية وتطوير الوسائل التعليمية وإعداد الكوادر المؤهلة للنهوض بها، وتحاول توفير المستوى التكنولوجي الذي يدعم هذا التوجه في مختلف القطاعات أما في إيران يتم استثمار الموارد في مجالات لا تأتي على الشعوب الإيرانية إلا بالظلم والقهر والتخلف.
مركز المزماة للدراسات والبحوث