خطة إيران الوحيدة لمواجهة العقوبات: العراق رئتنا الاقتصادية
فاجأ وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب الأوساط الاقتصادية بالإعلان أن وزارته بصدد الاستعانة بشركة إيرانية لإكمال إنجاز محطة كهرباء في محافظة كركوك.
جاء ذلك بعد أن أشار بيان صادر عن وزارة الكهرباء إلى أن الخطيب وجّه “الشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية في المنطقة الشمالية بالتفاوض مع شركة صانير الإيرانية لإنجاز مشروع محطة كهرباء الدبس الغازية الجديدة بطاقة تصل إلى 320 ميغاواط”.
ويقول خبراء إن الإعلان يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وتتعلق أكبرها بأن الشركات الإيرانية تفتقر للتكنولوجيا لتطوير مثل تلك المحطات التي تخلو منها إيران.
كما أن الاستعانة بشركة إيرانية يتعارض مع العقود الكبرى التي تبلغ 20 مليار دولار، والتي أبرمتها بغداد مع شركتي سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية لتطوير جميع المحطات العراقية وشبكات التوزيع.
يذكر أن شركة باور ميشن الروسية كانت قد انتهت من تجهيز 65 بالمئة من أعمال محطة كهرباء الدبس في كركوك قبل انسحابها في عام 2011 لأسباب غير معروفة.
ويكشف إعلان الخطيب عن حجم النفوذ الإيراني في العراق والانقسام الحاد بين الأطراف السياسية بين فريق يخضع لإملاءات طهران وفريق متحفظ على نفوذها، الأمر الذي يربك انفتاح البلاد على دول الجوار وخاصة الدول الخليجية لتحريك الاقتصاد المتعثر.
ويشير الإعلان إلى أن ترجيح كفة أتباع إيران، الذين يسيطرون على الشارع العراقي، خاصة أن المراقبين العراقيين يشيرون إلى أن وزير الكهرباء تسلم المنصب بترشيح من تحالف النصر، الذي يفترض أنه مناوئ للنفوذ الإيراني.
وصعدت طهران استعراضها للقوة في العراق في الأشهر الأخيرة بزيارات قام بها كبار مسؤوليها ومن ضمنهم الرئيس حسن روحاني، التي تتحدى الإرادة الأميركية، التي تطالب بغداد بتقليص اعتمادها على إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية.
وأعطت واشنطن بغداد مهلة لتنفيذ العقوبات الأميركية على إيران، ومارست ضغوطا عليها للالتزام بتلك العقوبات، لكن الحكومة العراقية تواصل المماطلة وتقول إنها لا تستطيع تقليص علاقاتها مع طهران.
ويهدد رضوخ بغداد للضغوط الإيرانية فرصا اقتصادية كبيرة مع جيرانها الخليجيين وخاصة السعودية، التي أرسلت وفدا اقتصاديا كبيرا إلى بغداد الأسبوع الماضي وعرضت الاستثمار في الكثير من المشاريع، إضافة إلى عروض بتزويده بالكهرباء من خلال ربطه بالشبكة الخليجية.
لكن بعض المحللين لا يستبعدون أن يكون إعلان التفاوض مجرد انحناء شكلي مؤقت للضغوط الإيرانية، وأن العقد من المستبعد إسناده للشركة الإيرانية في نهاية المطاف.
ويشيرون إلى الخطة الشاملة التي بدأت شركتا سيمنز وجنرال إلكتريك بتنفيذها في العراق إضافة إلى قرب توقيع اتفاقات واسعة مع السعودية خلال زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى الرياض بعد أن وضعت تفاصيلها خلال زيارة الوفد السعودي إلى بغداد.
ويتندر العراقيون من رداءة السلع الإيرانية التي تغرق الأسواق العراقية مثل سيارات “سايبة” في وقت تبدو فيه الحكومة عاجزة عن وقف ذلك النفوذ.
وفي ذلك الإطار تفاخر وزير الصناعة الإيراني رضا رحماني هذا الأسبوع بأن بلاده تصدرت قائمة الدول المصدرة للعراق العام الماضي، وذلك خلال زيارته لمنطقة صناعية في ولاية كرمنشاه القريبة من الحدود العراقية.
وقال إن تلك “المنطقة الصناعية في موقع مهم جدا لإجراء المعاملات التجارية بين إيران والعراق وأنها ستشهد استثمارات جديدة مستقبلا، بتعليمات من الرئيس روحاني” في تأكيد على الرهان على الرئة الاقتصادية العراقية لتخفيف قسوة العقوبات الأميركية.
وكشف رحماني أن قيمة الصادرات الإيرانية غير النفطية إلى العراق بلغت خلال العام الماضي نحو 12 مليار دولار. وأكد أن طهران تسعى لزيادتها لتصل إلى 20 مليار دولار خلال العام الحالي.
وتتصاعد المواجهة بين واشنطن وطهران في الساحة العراقية بعد تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، الأمر الذي زاد من شراسة الضغوط الإيرانية على الميليشيات التابعة للحرس الثوري والتي أصبح لها تمثيل واسع في البرلمان والحكومة العراقية.
ويخشى معظم العراقيين من تحويل بلادهم إلى ساحة للمواجهة خاصة أن إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية يمكن أن يشدد الخناق على ميليشيات عراقية مصنفة هي الأخرى كمنظمات إرهابية مثل عصائب أهل الحق وحركة النجباء وحزب الله العراقي.
ويرجح مراقبون أن تنحاز بغداد لمصالحها في نهاية المطاف، في ظل الإغراءات الاقتصادية الكبيرة التي تقدمها دول الخليج، إضافة إلى خشيتها من التعرض للعقوبات الأميركية إذا تمادت في الرضوخ للنفوذ الإيراني.
سلام سرحان – صحيفة العرب