اخبار العالم

من شريك إلى لاعب منفرد: هل طعنت الإمارات التحالف العربي من الخلف في اليمن؟

بقلم تادي عواد

في مارس 2015، بدأت السعودية والإمارات قيادة التحالف العربي لدعم الحكومة اليمنية ضد الحوثيين في الشمال.
كان الهدف الرسمي للتحالف استعادة الشرعية وحماية أمن دول الخليج من التهديد الحوثي المدعوم من إيران.
انضمت الإمارات منذ البداية كطرفٍ أساسي في هذا التحالف.
من الناحية الشكلية، كان هناك تحالف واحد، لكن الدوافع الاستراتيجية والأهداف لم تكن موحّدة بين السعودية والإمارات.

تباين الأهداف بين السعودية والإمارات

أهداف السعودية في اليمن
الحفاظ على وحدة اليمن سياسيًا وجغرافيًا تحت حكومة معترف بها دوليًا.
الحدّ من تهديد الحوثيين لأمن حدودها الجنوبية، ومنع تمدد النفوذ الإيراني في اليمن.

أهداف الإمارات في اليمن
دعم حلفاء محليين غير مرتبطين مباشرة بالحكومة اليمنية، وعلى رأسهم المجلس الانتقالي الجنوبي (STC).
التركيز على النفوذ الاقتصادي والاستراتيجي، ولا سيما في ميناء عدن، حضرموت، وباب المندب.
إضعاف القوى التي تعتبرها تهديدًا أيديولوجيًا، مثل حزب الإصلاح اليمني.

النتيجة الفعلية:

رغم وجود تحالف شكلي، كانت السعودية والإمارات تعملان عمليًا وفق أجندات منفصلة داخل اليمن. هذا الواقع لا يندرج بالضرورة ضمن مفهوم الخيانة العسكرية الكلاسيكية، لكنه يعكس اختلافًا استراتيجيًا عميقًا في الرؤية والأهداف.

دعم الإمارات للمجلس الانتقالي الجنوبي (STC) وتأثيره

دعمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب بانفصال الجنوب عن اليمن الموحّد، في حين دعمت السعودية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
وخلال السنوات الأخيرة، عزّز المجلس الانتقالي سيطرته على جنوب اليمن، واستولى على مناطق استراتيجية واسعة، شملت مصادر نفطية وموانئ حيوية.

ويُعد هذا الواقع، في نظر كثيرين، انحرافًا واضحًا عن أهداف التحالف المعلنة القائمة على تأسيس دولة يمنية موحّدة تحت مظلة الشرعية، ما شكّل سببًا رئيسيًا للخلاف بين الرياض وأبو ظبي.

التصعيد الحالي: التوتر يصل إلى مرحلة مواجهة

في 30 ديسمبر 2025، أعلنت السعودية تنفيذ ضربة جوية على ميناء المكلا في اليمن، استهدفت شحنة قيل إنها مرتبطة بالإمارات وداعمة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
من جهتها، نفت الإمارات إرسال أسلحة، وأكدت أن الشحنة كانت مخصّصة لقواتها، مع رفضها الزج باسمها في التوتر القائم مع السعودية.
يمثل هذا التطور تصعيدًا واضحًا، ليس مجرد خلاف سياسي، بل انتقالًا إلى مستوى مناوشة عسكرية غير مباشرة بين الطرفين.

هل يمكن اعتبار ما حدث «خيانة»؟

إذا أردنا مقاربة المسألة بعيدًا عن الانفعال، وبمنطق التحليل السياسي والعملي، يمكن القول نعم، فالإمارات دعمت جماعة انفصالية داخل اليمن، في وقت تسعى فيه السعودية إلى الحفاظ على وحدة البلاد تحت حكومة واحدة.
التنافس على النفوذ داخل اليمن أدى إلى توتر مباشر بين حليفين، بلغ حدّ العمليات العسكرية غير المتزامنة.
وبالمعنى العملي، فإن هذا السلوك يُشبه خيانة التحالف، حين يعمل كل طرف لصالح مشروع مختلف كليًا، رغم انضوائهما اسميًا تحت التحالف نفسه.

لماذا حدث هذا التباين؟ تحليل معمّق للأسباب

أولًا: الاستراتيجية الجيوسياسية
تعتبر السعودية اليمن جزءًا لا يتجزأ من أمنها القومي المباشر.
ترى الإمارات في جنوب اليمن منطقة نفوذ مستقلة، تتيح لها التحكم بالممرات البحرية الحيوية، وعلى رأسها باب المندب، إضافة إلى الموانئ الاستراتيجية.
استثمرت الإمارات في بنى تحتية متعددة في الجنوب، وتسعى إلى إدارة مستقلة أو تنفيذ مشاريع تنموية تحت نفوذها المباشر.
ثانيًا: التنافس الإقليمي الرياض وأبو ظبي قوتان خليجيتان تتنافسان على النفوذ الإقليمي، وقد انعكس هذا التنافس بوضوح على مسار الحرب في اليمن.

ما التبعات الكبرى لهذا المسار؟

تصدّع التحالف التقليدي، ما يقلّل من فعالية أي جهود مشتركة لمواجهة الحوثيين أو التوصل إلى حل سياسي.
تعقيد عملية السلام في اليمن، بسبب تمسّك القوى الانفصالية المدعومة من الإمارات برفض العودة إلى وحدة البلاد وفق الرؤية السعودية.
تهديد أمن الحدود السعودية نتيجة التوسع في حضرموت والمهرة من قبل قوات مرتبطة بالإمارات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى