البرلمان الأوروبي يطوي صفحة “الإسترضاء”: إيران أمام استحقاق التغيير

في محطة مفصلية تعكس تحولاً جذرياً في الرؤية الأوروبية، استضاف البرلمان الأوروبي في بروكسل يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025 ، مؤتمراً استثنائياً تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. هذا الاجتماع لم يكن مجرد حدث سياسي روتيني، بل مثل “اختباراً حاسماً” لأوروبا، حيث أكد المشاركون أن قضية إيران لم تعد شأناً داخلياً فحسب، بل هي قضية محورية للسلم والأمن ومستقبل الديمقراطية عالمياً، وذلك بحضور السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، ونخبة من المشرعين الأوروبيين البارزين.

“بيت الديمقراطية” ومبادئ التغيير الثلاثة
استهلت السيدة مريم رجوي كلمتها برسالة واضحة من “بيت الديمقراطية الأوروبي”، مطالبة منتخبي الشعوب الأوروبية وحكومات العالم بالاعتراف بنضال الشعب الإيراني لإسقاط الاستبداد الديني. وحددت خارطة طريق تعبر عن جوهر الإرادة الشعبية وتستند إلى ثلاثة مبادئ لا تقبل المساومة:
- إسقاط نظام ولاية الفقيه.
- الرفض القاطع لعودة دكتاتوريتي الشاه أو الملالي .
- فصل الدين عن الدولة.
ووصفت رجوي الوضع الحالي للنظام بأنه “مأزق تاريخي”، حيث لا خيار أمامه سوى مسارين أحلاهما مر: إما “السقوط عبر المواجهة والعزلة الدولية والقمع الداخلي”، أو “السقوط عبر التراجع وتجرع السم”. كما أطلقت تحذيراً عاجلاً بشأن مصير 18 سجيناً سياسياً يواجهون خطر الإعدام بتهمة العضوية في منظمة مجاهدي خلق، معتبرة ذلك استمراراً لسياسة الرعب التي يعتمدها النظام.
ميلان زيفر: نهاية حقبة الإسترضاء
في نقد صريح للسياسات السابقة، أكد “ميلان زيفر”، الرئيس المشارك لمجموعة أصدقاء إيران الحرة، أن أوروبا ظلت لسنوات حبيسة “أنماط الاسترضاء”، لكن الأحداث أثبتت فشل هذا النهج.
وقال زيفر: “القمع الممنهج للنساء والطلاب والأقليات، وتمويل الجماعات المتطرفة، حول النظام الإيراني إلى المصدر الرئيسي لانعدام الأمن العالمي”. وأشاد بشجاعة السيدة رجوي باعتبارها “مصدر إلهام حقيقي”، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لاستبدال سياسة الاسترضاء بسياسة “المسؤولية الأخلاقية والتاريخية”.

بيتراس أوشتريفيتشيوس: شبح مجزرة 1988 يعود
ربط النائب المؤثر “بيتراس أوشتريفيتشيوس” بين أحكام الإعدام الحالية ضد الـ 18 ناشطاً سياسياً وبين “مجازر الإعدام الجماعي في الثمانينات ومذبحة عام 1988″، مطلقاً تحذيراً تاريخياً وقانونياً من تكرار الكارثة.
وشدد على ضرورة دعم الاتحاد الأوروبي لدعوة السيدة رجوي لإحالة ملف جرائم النظام إلى مجلس الأمن الدولي، معتبراً أن “خطة النقاط العشر” التي طرحتها المقاومة تجسد التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني وتستحق الدعم الكامل.
فرانسيسكو أسيس: الاعتراف بـ “الجريمة ضد الإنسانية”
دعا النائب “فرانسيسكو أسيس” إلى خطوة سياسية وقانونية جريئة تتمثل في “الاعتراف بمذبحة 30 ألف سجين سياسي عام 1988 كجريمة ضد الإنسانية”، وهو ما يعد أحد أهم الاعترافات في مؤسسة أوروبية رسمية.
ووصف حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” في السجون الإيرانية بأنها “استعراض للقوة في وجه الرعب”، مؤكداً: “يجب أن نقف إلى جانب الشعب الإيراني ومعارضته الديمقراطية المتمثلة اليوم في السيدة رجوي”.
أظهر مؤتمر بروكسل أن الملف الإيراني دخل مرحلة جديدة في الأروقة الأوروبية؛ مرحلة يتم فيها الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كـ “بديل ديمقراطي ومسؤول”، ويدرك فيها المشرعون الأوروبيون ضرورة مغادرة مربع الصمت والاسترضاء نحو سياسة حازمة تدعم الحرية والعدالة.




