مؤتمر في مجلس الشيوخ الأميركي حين يتحوّل نضال الإيرانيين إلى قضية دولية

بقلم د. راهب صالح الخليفاوي
حقوقي وباحث في الشأن الإيراني
في لحظة سياسية فارقة لم تعد فيها جرائم النظام الإيراني شأناً داخلياً يمكن التستر عليه عُقد يوم الخميس 11 كانون الأول ديسمبر 2025 مؤتمر رفيع المستوى في مجلس الشيوخ الأميركي دعماً لنضال الشعب الإيراني من أجل الحرية وإقامة جمهورية ديمقراطية تنهي عقود القمع والاستبداد لم يكن المؤتمر لقاءً بروتوكولياً عابراً بل رسالة سياسية واضحة المعالم العالم بدأ يسمع صوت الشعب الإيراني ويتعامل مع مقاومته كحقيقة سياسية لا يمكن تجاهلها
جاء هذا الحدث في سياق دولي يتّسم بتآكل شرعية نظام الملالي وتراكم الأدلة على فشله البنيوي في الحكم وتحوّله إلى مصدر دائم لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي لذلك حمل المؤتمر دلالة أعمق من مجرد تضامن سياسي لقد مثّل اعترافاً متقدّماً بأن معركة الإيرانيين من أجل الحرية باتت قضية دولية بامتياز
حضور عابر للأحزاب ورسالة تتجاوز الحسابات
شارك في المؤتمر عدد من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مشهد نادر يعكس إجماعاً سياسياً متنامياً على خطورة النظام الإيراني وشرعية مقاومة الشعب له من بين المشاركين السيناتور جون كورين والسيناتورة جين شاهين والسيناتور روبن غالگو والسيناتور كوري بوكر إلى جانب السيناتور السابق روي بلانت كما حضر شخصيات أميركية رفيعة أبرزهم الجنرال جيمس جونز مستشار الأمن القومي الأميركي السابق والسفير الأميركي الأسبق في المغرب مارك غينزبيرغ
هذا التنوع السياسي لم يكن استعراضاً شكلياً بل تأكيداً على حقيقة باتت راسخة في واشنطن النظام الإيراني هو المشكلة والشعب الإيراني هو الحل إنها رسالة تتجاوز الحسابات الحزبية وتضع القيم الديمقراطية في مواجهة الاستبداد الديني
كلمة السيده الرئيس المنتخب مريم رجوي
حين تُسقط المقاومة كل الأكاذيب
……………..
شاركت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية عبر تقنية الفيديو وقدّمت كلمة مفصلية شكّلت جوهر المؤتمر ورسالة أخلاقية وسياسية واضحة قالت رجوي بوضوح نحن لا نطلب أي أموال أو أسلحة من أي حكومة أجنبية طلبنا الوحيد هو أن يعترف المجتمع الدولي بنضال الشعب الإيراني لإسقاط النظام الإيراني
بهذا الموقف سقطت كل دعاية النظام لا تبعية للخارج ولا مشروع بالوكالة ولا صفقات ولا مساومات إنه نضال شعب يطالب بحقه الطبيعي في تقرير مصيره بعيداً عن الأكاذيب التي لطالما استخدمها النظام لتشويه المقاومة وتبرير قمعه الدموي
من الاعتراف السياسي إلى المسؤولية الأخلاقية
أبرز المؤتمر حقيقة أساسية الاعتراف بالمقاومة الإيرانية ليس تدخلاً في شؤون دولة بل التزام بالقيم الإنسانية والوقوف في وجه نظام ينفّذ الإعدامات بالجملة ويقمع النساء ويطارد المعارضين ويصدّر الإرهاب إلى الإقليم والعالم الصمت الدولي في ظل هذه الوقائع لم يعد حياداً بل بات شكلاً من أشكال التواطؤ
إيران ليست ملفاً نووياً فقط إنها شعب مخطوف
أعاد المؤتمر تصويب البوصلة الدولية بعيداً عن اختزال القضية الإيرانية في مفاوضات نووية أو أجهزة طرد مركزي جوهر المسألة هو شعب يعيش تحت القمع منذ أكثر من أربعة عقود وكل اتفاق مع النظام يتجاهل هذا الواقع لا يعدو كونه تأجيلاً لانفجار قادم لا حلاً دائماً
الخلاصة حين تتقدّم الحقيقة على المصالح
لم يكن مؤتمر مجلس الشيوخ الأميركي حدثاً عابراً بل محطة سياسية تؤكد أن المقاومة الإيرانية باتت طرفاً معترفاً به وأن خطاب الحرية بدأ يهزم خطاب التخويف وأن شرعية النضال انتصرت على دعاية الملالي إنها بداية مرحلة جديدة تُقدَّم فيها الحقيقة على المصالح ويُعترف فيها بالشعب لا بالنظام




