اخبار العالم

الرعب من الشارع واللجوء إلى المشنقة: عندما يصبح الإعدام “أكسجين” البقاء لنظام الولي الفقيه

في هذه الأيام في إيران، لا يقبع الموت في الظل، بل ينتصب شامخاً فوق أعواد المشانق؛ حتى يكاد المرء يشعر أن الحبال تتنفس وأن المدن تستيقظ على صرير احتكاكها. لم يعد الإعدام مجرد حكم قضائي، بل تحول إلى “أكسجين” للسلطة الحاكمة؛ هو الهواء الذي يبتلعه نظام الولي الفقيه بنهم وشراهة ليبقى على قيد الحياة وسط عاصفة الأزمات الاقتصادية. كل عملية إعدام هي “نفّس” يغتنمه نظام يعيش في حالة ذعر دائم من انتفاضة الشعب مجدداً.

أرقام تتسلق سلالم الموت

إن الإحصائيات المتصاعدة للإعدامات هي أرقام تتسلق درجات المشنقة. في الشهرين الماضيين، قُطعت أغصان مئات الأرواح بصمت ودون ضجيج. هذه الوفيات المتسلسلة لا تحمل رواية سوى “رواية الخوف”؛ خوف هيكل سلطة يتكئ على الموت للبقاء.

يدرك النظام جيداً أن المجتمع يقف على حافة الانفجار:

  • الدولار، كالنهر الهائج، يكتسح كل يوم ارتفاعات جديدة من عدم الاستقرار.
  • المعيشة تنهار والفقر يتسع.
  • الأمل يهاجر من البيوت.
  • والغضب، كنار تحت الرماد، تزداد حرارته يوماً بعد يوم.
    في مثل هذا التوقيت، تعمل حبال المشانق كدرع للنظام؛ درع منسوج من الرعب، كي لا يتنفس “الشارع” مرة أخرى.

إسكات الجياع بالرعب

لقد بلغت الإعدامات ذروتها في المناطق التي يكون فيها الفقر أعمق وظل الجوع أوسع. وكأن السلطة تريد إغلاق أفواه المحرومين ليس بالخبز، بل بالخوف؛ وهم أنفسهم الناس الذين اندلعت من أياديهم الشرارات الأولى للانتفاضات السابقة.

الموت هنا ليس عقاباً على جرم، بل أداة لإخماد الهمسات التي قد تتحول غداً إلى صرخات. يبني النظام بكل إعدام جداراً بين اليوم والغد؛ لكنه جدار ليس من حجر ولا حديد، بل مصنوع من الظلال، والظلال لا تصمد إلا حتى اشتعال أول شمعة.

تطبيع الموت في ظلام خامنئي

خلف موجة الإعدامات هذه تكمن رغبة أعمق: تطبيع العنف في المجتمع تحت ظل ظلام حكم الولي الفقيه. يعتقد “تنين الإعدام” أنه بتكرار الموت يومياً، تنهار الحساسية تجاهه، تماماً كما تفرغ القطارة بحراً ببطء. النظام الذي يريد شل حركة المجتمع، عليه أولاً أن يوقف نبض قلوبه؛ عليه أن يجعل الموت “عادياً” لكي لا تجرؤ الحياة على الصراخ. الإعدامات هي هواء تنفس الحكومة، وسمّ في حلق الأمة.

التناقض القاتل

لكن هنا يكمن التناقض الجوهري: النظام يروج للموت من أجل بقائه، بينما كل موت يوقظ حياة جديدة تحت جلد المجتمع الصامت والمتأمل. الشعب لا يتم ترويضه ولا ينسى أمام هذا العنف الوحشي. كل إعدام ينفذه النظام أملاً في احتواء الغضب العام، يتحول بحد ذاته إلى قطرة في الطوفان الذي سينطلق عاجلاً أم آجلاً. قد تغلق حبال المشنقة حناجر الأفراد، لكنها لن تستطيع أبداً خنق نهر الإرادة الجماعية.

وثيقة سقوط النظام

تقترب إيران اليوم، الرازحة تحت وطأة الاقتصاد المنهار والغلاء والدولار والآمال المحطمة، من عتبة انتفاضة جديدة. والنظام، الذي يدرك ذلك أكثر من غيره، يدفع بالموت كدرع أمامي. لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد نظام يمكنه البقاء حياً باستنشاق “أكسجين الموت”. مهما أُبقي المجتمع في الظلام، فإن السعي الجماعي لفتح ثغرة وتمزيق كفن الاختناق سيتسارع.

يريد النظام نشر ظلال الرعب عبر اهتزاز حبال المشانق، لكن عليه أن يخشى دائماً من بزوغ ضوء يمحو هذه الظلال. ويلٌ للظالم حين يخرج الناس من الظلال بلمعة نور واحدة؛ حينها ستبقى الحبال معلقة، لكن الظلال ستتلاشى بلا أثر. إن الموت الذي هو أداة قوة الولي الفقيه اليوم، يوقع يوماً بعد يوم على وثيقة السقوط الحتمي لنظام يعتاش على الموت ويفكر به.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى