شبح “يوم الصفر” المائي يهدد طهران، ومحركات التضخم تسحق الموائد

لم تعد الأزمات في إيران تأتي فرادى؛ فبينما تحذر التقارير الدولية من جفاف العاصمة طهران واقترابها من “يوم الصفر”، يعترف خبراء النظام الاقتصاديون بأن البلاد تواجه “تسونامي” من التضخم والفقر، حيث تعمل جميع محركات الأزمة الاقتصادية بأقصى طاقتها في وقت واحد.
أولاً: أزمة العطش.. مافيا المياه تقود طهران نحو الجفاف
تحت عنوان “طهران في العد التنازلي”، سلط موقع “ميديا أونلاين” الأمريكي الضوء على أزمة المياه الكارثية في إيران. وحذر التقرير من أن العاصمة تتجه بسرعة نحو “يوم الصفر” (اليوم الذي تجف فيه الصنابير تماماً)، حيث تواجه السدود الخمسة الرئيسية التي تغذي طهران انخفاضاً حاداً ومرعباً في مخزونها.
وأكد التقرير أن هذه الكارثة ليست وليدة الجفاف الطبيعي فحسب، بل هي “أحدث وأوضح مؤشر على مشكلة هيكلية أعمق”. وأشار إلى أن العقود من سوء الإدارة، والفساد، والاستخراج الجائر للمياه تمت بتوجيه مما يسمى بـ “مافيا المياه”؛ وهي شبكة معقدة من المصالح السياسية والعسكرية (المرتبطة بـ حرس النظام الإيراني) التي استنزفت موارد البلاد لتحقيق أرباح خاصة على حساب عطش الملايين.

ثانياً: الجحيم الاقتصادي.. جميع محركات التضخم تعمل
على الصعيد الاقتصادي، رسم الخبير الاقتصادي الحكومي، وحيد شقاقي، صورة قاتمة للمستقبل القريب. وأعلن شقاقي أن “المشكلة الرئيسية تكمن في أن جميع محركات التضخم تعمل في آن واحد”، متوقعاً أن يتراوح التضخم الشهری في شهر مارس المقبل بين 55% إلى 60%، مع احتمال أن يصل التضخم إلى ثلاثة أرقام (مئات بالمائة) في العام المقبل.
عجز ميزانية فلكي:
كشف شقاقي عن أرقام مرعبة بخصوص عجز الموازنة، مشيراً إلى أنه قد يتجاوز هذا العام 1000 تريليون تومان، وتصل بعض التقديرات المتشائمة إلى 1500 تريليون تومان. وأضاف أن البلاد تواجه أزمات متداخلة تزيد من هذا العجز وتعمق عدم الاستقرار، أبرزها:
- أزمة هبوط الأراضي.
- أزمة التلوث البيئي.
- إفلاس صناديق التقاعد والبنوك.
- أزمة الطاقة (الكهرباء، الغاز، والبنزين).
ثالثاً: كارثة المعيشة.. 50% من السكان تحت خط الفقر
انعكس هذا الانهيار المالي بشكل مباشر على حياة المواطنين. فقد أعلن حميد حاج إسماعيلي، الخبير الحكومي، أن خط الفقر لأسرة حضرية واحدة في إيران قد تجاوز 55 مليون تومان شهرياً.
وأكد إسماعيلي أن الفجوة الهائلة بين الدخل والنفقات دفعت بأكثر من 50% من السكان إلى ما دون خط الفقر. وقال إن عجز ميزانية الأسرة تحول إلى أزمة اجتماعية، حيث تضطر العائلات لبيع ممتلكاتها أو الاستدانة أو الدفع بأطفالها إلى سوق العمل، مما يعيد إنتاج دورة الفقر.

غلاء فاحش في السلع الأساسية:
وفقاً لأحدث تقرير صادر عن مركز الإحصاء التابع للنظام في 3 ديسمبر 2025، شهدت أسعار المواد الغذائية قفزات جنونية:
- الأرز الإيراني: صاحب الرقم القياسي، حيث قفز السعر من 125 ألف تومان إلى 332 ألف تومان للكيلو الواحد.
- اللحوم: ارتفع سعر لحم العجل من 575 ألف تومان إلى حوالي 864 ألف تومان (زيادة بنسبة مرة ونصف)، بينما ارتفع لحم الغنم بنسبة 27%.
- الدجاج: شهد زيادة بنسبة 50%.
- سجلت أسعار البقوليات ومنتجات الألبان تضخماً تجاوز 100%.
تظهر هذه البيانات أن نظام الملالي قد وصل إلى طريق مسدود. فبينما تجف المياه في الأنابيب بسبب فساد “مافيا المياه”، تجف الموائد من الطعام بسبب فساد “المافيا الاقتصادية“، تاركة الشعب الإيراني محاصراً بين العطش والجوع، في انتظار لحظة الانفجار.




