
نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
الأهمية التاريخية للإدانة الثانية والسبعين في الأمم المتحدة
اعتمدت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 قرارها الثاني والسبعين الذي يدين الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان في إيران.
ولا يُعدّ هذا القرار مجرّد حدث سياسي عابر، بل يشكّل ضربة عالمية كبرى لنظامٍ عاش على سياسة الإفلات من العقاب لأكثر من أربعة عقود.
القرار يدين بشدّة الزيادة المقلقة في الإعدامات، التي تضاعفت تقريباً مقارنة بالعام الماضي، ويعبّر عن قلقٍ عميقٍ إزاء استخدام عقوبة الإعدام كأداةٍ للقمع السياسي وإسكات المعارضين والمشاركين في الاحتجاجات، بما في ذلك انتفاضة أيلول/سبتمبر 2022. كما يعرب عن قلق بالغ تجاه إعدام النساء والقُصّر، ويدين محاولات النظام طمس الأدلة وإخفاء مقابر ضحايا الجرائم السابقة.
مجزرة 1988: نقطة تحوّل قانونية في القرار الأخير
من أبرز أبعاد القرار الجديد تأكيده الصريح على مجزرة السجناء السياسيين عام 1988، وهو تطوّر ذو أهمية مضاعفة بعد تقرير المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة البروفيسور جاويد رحمان في تموز/يوليو 2024، الذي وصف للمرة الأولى تلك الإعدامات بأنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
لقد نُفِّذت تلك الجريمة استناداً إلى فتوى مكتوبة من الخميني، وبأيدي شخصيات مثل إبراهيم رئيسي، حسين علي نيري، ومصطفى بورمحمدي، وتحت إشراف مباشر من خامنئي. إنّ حصانة قادة النظام حيال هذه الجرائم على مدى 47 عاماً أفسحت المجال لتكرارها، فيما ساهم صمت المجتمع الدولي واستمرار سياسة المسايرة في تقويض القيم التي أسّست عليها الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
الاستراتيجية الموحّدة: الحرب والإرهاب والإعدام
كما أكدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنّ القتل المنهجي داخل السجون الإيرانية يشكّل جزءاً من استراتيجية موحّدة تتكامل فيها حلقات تصدير الحرب والإرهاب وتطوير الأسلحة النووية.
النظام الذي جعل أولوياته القمع والنهب وإشعال الحروب، استنفد قاعدته الاجتماعية وأصبح يعيش أواخر شتائه السياسي.
تقول السيدة رجوي إنّ عمليات الإعدام المتصاعدة هي حرب يشنّها خامنئي ضد الشعب الإيراني، وهي أيضاً اختبار لإرادة المجتمع الدولي. فطالما استمرّ النظام في تنفيذ الإعدامات، سيواصل سياساته في زعزعة الاستقرار الإقليمي ونشر الإرهاب.
إنّ من يقف وراء الإعدام والإرهاب لا يمثل الشعب الإيراني، ويجب طرده من المحافل الدولية.
المطالبة القانونية بالتحرّك الفوري
في ضوء تأكيد القرار الأممي الأخير على مجزرة عام 1988 والإعدامات المتزايدة وقتل الآلاف في انتفاضات 2009 و2017 و2019 و2022، يجب إحالة ملفّ جرائم النظام فوراً إلى مجلس الأمن الدولي وتقديم قادته إلى العدالة بتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
وفي رسالةٍ وجّهتها السيدة مريم رجوي إلى مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، قالت:
“إنّ قرار اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أشار إلى مجزرة 1988 هو خطوة مهمة بعد تقرير المقرر الخاص جاويد رحمان، الذي اعترف للمرة الأولى بأنّ تلك الإعدامات إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية.”
وأضافت رجوي:
“ينبغي على الأمم المتحدة أن تطالب الدول الأعضاء بتقديم قادة النظام إلى العدالة استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، وأن تضغط على النظام الإيراني للسماح لوفود الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بزيارة السجون، وخصوصاً السجناء السياسيين.”
توصيات عملية إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية
اتخاذ الترتيبات اللازمة لإحالة ملفّ الجرائم إلى مجلس الأمن الدولي.
مطالبة الدول الأعضاء بتسليم المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة وفق الولاية القضائية العالمية.
الضغط على النظام الإيراني للسماح بزيارة السجون من قبل وفود الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، وخاصة السجناء السياسيين الذين يُحتجزون منذ عقود في ظروفٍ لا إنسانية.
الكلمة الختامية
كما انهارت سجون الطغاة في التاريخ، من الباستيل في فرنسا إلى صيدنايا في سوريا، فإنّ إيفين وسجون خامنئي ستنهار هي الأخرى.
إنّ تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة هو الطريق الوحيد لضمان مستقبلٍ خالٍ من الإعدام والتعذيب، وبداية عهدٍ جديدٍ من الحرية والعدالة في إيران.





