«إيران حرة 2025»: مؤتمر واشنطن يرسم ملامح مرحلة انتقالية محتملة في إيران

بعد أسابيع قليلة من الحشد الضخم الذي جمع آلاف الشباب الإيرانيين في أوروبا، جاءت محطة جديدة للمعارضة المنظمة في العاصمة الأمريكية واشنطن من خلال مؤتمر «إيران حرة 2025»، الذي انعقد في 15 نوفمبر 2025 تحت عنوان «خريطة الطريق نحو جمهورية ديمقراطية في إيران».
مريم رجوي: لحظة إسقاط نظام ولاية الفقيه قد حانت
مؤتمرٌ جمَع مئات الأكاديميين والخبراء من أصول إيرانية وشخصيات سياسية دولية بارزة، في محاولة لصياغة رؤية أوضح لمستقبل إيران في ظل تحولات داخلية وإقليمية متسارعة.
وفي الكلمة الافتتاحية، أعلنت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن «إسقاط نظام ولاية الفقيه ضرورة، وقد آن أوانه».
هذه العبارة المكثفة عكست قناعة داخل شريحة واسعة من المعارضة المنظمة بأن إيران تعيش لحظة فارقة، وأن التراكمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية جعلت مستقبل النظام أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
من جهته، شدد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، على أن «وجود معارضة منظمة يمنح الشعب الإيراني فرصة حقيقية للحرية».
وبرغم انتماء هذا الخطاب لتوازنات السياسة الخارجية الأمريكية، فإن إصراره على «التنظيم» بدا لافتاً، خصوصاً مع التشتت الذي غالباً ما يميّز مشاهد المعارضة في الشرق الأوسط.
وقدمت الدكتورة صوفي سعیدي، أستاذة العلاقات الدولية، قراءة علمية مقارنة، معتبرة أن التجارب الدولية للحركات الاحتجاجية تُظهر أن غياب القيادة والهيكلية يؤدي غالباً إلى الفوضى.
مقاربة تعكس دروس الربيع العربي وتضع سؤال «إدارة الانتقال» في صدارة النقاش حول إيران ما بعد النظام.
إحدى أبرز جلسات المؤتمر جمعت بين البروفيسور محمد حسين تسوجي والعالِم الإيراني–الأمريكي مرتضى قريب، عضو أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكية وصاحب أكثر من 170 اختراعاً.
قريب أكد أن الإيرانيين «يصنفون ضمن أذكى ثلاثة شعوب في العالم»، وأن أكثر من 10٪ من مهندسي الكهرباء في الولايات المتحدة من أصول إيرانية.
أما تسوجي فقال: «لا توجد جامعة أمريكية تقريباً إلا وفيها أستاذ إيراني».
هذه التصريحات رسمت صورة واضحة:
إيران المستقبل لن تعاني نقصاً في الكفاءات، بل تمتلك واحداً من أكبر الخزانات العلمية في العالم.
حضور سياسي وفكري دولي لافت
شهد المؤتمر مشاركة شخصيات بارزة مثل:
البروفيسور حسين صادقبور من جامعة هارفارد،
جون بيركو رئيس مجلس العموم البريطاني الأسبق،
باتريك كينيدي،
إضافة إلى صحافيين دوليين، من بينهم الأمريكي غاي بِنْسن الذي قال:
«في زمن تكثر فيه الشعارات، تقود النساء الإيرانيات معركة الحرية بشجاعة استثنائية».
خلاصات استراتيجية: إيران على أعتاب لحظة تحوّل
انتهى المؤتمر إلى مجموعة من الرسائل العميقة التي تتجاوز المواقف السياسية للمتحدثين:
أولاً: جاهزية بنيوية لمرحلة انتقالية
تزايد الاحتقان الاجتماعي خلال الأعوام 96 و97 و98 و1401، وتنامي الحركات الاحتجاجية، يؤكد وجود مجتمع مستعد للتغيير السياسي.
ثانياً: شبكة داخلية وخارجية قادرة على ملء الفراغ
التقاء ناشطين على الأرض مع خبراء وكفاءات في الشتات يشكّل قاعدة صلبة لبناء نموذج انتقالي مستقر، عكس تجارب إقليمية شهدت انهيارات بعد سقوط الأنظمة.
ثالثاً: ضعف النظام الحالي يفتح «نافذة تاريخية»
أجمع أغلب المتدخلين على أن الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني للنظام وصل إلى مستوى غير مسبوق من الهشاشة، ما يجعل فرصة التغيير أكثر واقعية.
رابعاً: السؤال الأهم هو «ما بعد التغيير»
لم يعد النقاش حول إمكانية إسقاط النظام، بل حول آليات إدارة المرحلة الانتقالية وضمان استمرارية الدولة، مستفيدين من طاقات علمية وإدارية ضخمة داخل وخارج إيران.
تقاطعت كلمات الضيوف عند فكرة محورية:
أن مؤشرات الانتقال في إيران بلغت مستوى يصعب تجاهله.
ومع نظام منهك، مجتمع متحفّز، معارضة منظمة، ودعم دولي متزايد، يُرجّح المؤتمر أن إيران تقف على أعتاب نقطة انعطاف تاريخية حقيقية.
![]()
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري “صدى الصحف” لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب





