اخبار العالم

المرأة الإيرانية: قوة الحسم في التغيير الديمقراطي

محمود حكميان محمود حکمیان

تطرقت الحلقة النقاشية الكبرى الثانية من مؤتمر «إيران الحرة 2025»، والمعنونة بـ “المرأة الإيرانية وإرث المقاومة”، إلى كيفية تحول المرأة الإيرانية إلى قوة حاسمة تشكّل الحركة الديمقراطية في البلاد. وقد استعرضت الجلسة، التي شارك فيها متخصصون ومدافعون عن حقوق الإنسان، كيف أن صمود النساء الإيرانيات، وتضحياتهن، ورؤيتهن، وضعهن في قلب المعركة من أجل إيران ديمقراطية وعلمانية وغير نووية.

قرن من النضال: من ثورة 1906 إلى القوة التنظيمية
افتتحت مديرة الحلقة، الدكتورة رامش سبهرداد (Dr. Ramesh Sepehrrad)، الخبيرة في الأمن السيبراني والسياسة الإيرانية، الجلسة بالتأكيد على أن صعود المرأة الإيرانية إلى سدة القيادة لم يكن عفويًا، بل هو نتاج “أكثر من مائة عام” من النضال، يمتد جذوره إلى الثورة الدستورية عام 1906.

وأشارت الدكتورة سبهرداد إلى أن القمع ضد المرأة “تطور” تحت حكم كل من الشاه والملالي، ليصبح أكثر تعقيدًا ووحشية. وشددت على أن المرأة الإيرانية، من جميع القوميات (الأذربيجانية، الكردية، البلوشية، اللورية، والتركمانية)، ممثلة في صفوف المقاومة. وأضافت: “لم تُعدم أي دولة عددًا من النساء أكثر مما أعدمه النظام الإيراني، لكن المرأة الإيرانية لا تستسلم، فهي منظمة، صامدة، ولديها قائدة.”

أدوات السيطرة السياسية: الحجاب الإلزامي والفصل العنصري الجندري
تتبعت الدكتورة آزاده سامي (Dr. Azadeh Sami)، طبيبة الأطفال والمدافعة عن حقوق الإنسان، صعود القيادة النسائية إلى قرن من القمع الممنهج الذي أنتج مقاومة منظمة. وذكرت أن النظام اللاهوتي قام بـ “مأسسة كراهية المرأة” عبر تأسيس “الحجاب الإلزامي، وقوانين الأسرة التمييزية، والفصل العنصري على أساس النوع (الجندر)” كأدوات للسيطرة السياسية.

وأكدت الدكتورة سامي أن النظام في الثمانينيات “سجن وعذب وأعدم النساء” لأنه أدرك أن “تحرر المرأة يعني نهاية الاستبداد”. وأشارت إلى أن منظمة مجاهدي خلق (MEK) وضعت إطارًا قياديًا تحريرياً رسميًا، مما أنتج “أطول حركة مستمرة تقودها النساء في المنطقة”، مشددة على أن نموذج المساواة هذا يطبق “ليس في النظرية فقط، بل في الواقع”.

التصميم الدستوري على إنكار المساواة
وصفت حنانة أمانبور (Hannane Amanpour)، المحامية المتخصصة في قانون الأسرة، عدم المساواة الجندرية في إيران بأنه “مصمم بالكامل”، ومتجذر مباشرة في دستور النظام تحت مبدأ “ولاية الفقيه”. وأوضحت أن الدستور ينكر على المرأة حقوقها في الشؤون الخاصة والعامة (كالزواج، والطلاق، والميراث، وحق الترشح للرئاسة والقضاء).

وأشارت إلى أن نموذج المقاومة النسائية في منظمة مجاهدي خلق الذي ظهر عام 1985، وبلغ ذروته في انتخاب مريم رجوي كرئيسة منتخبة للمجلس الوطني للمقاومة عام 1993، يمثل “إمكانات إيران بعد الانتقال الديمقراطي”.

الشجاعة من الواقع المعاش والرؤية الواضحة
ربطت الدكتورة آزاده زنكنه (Dr. Azadeh Zangeneh)، طبيبة باطنية، تجاربها الشخصية بالواقع التاريخي، مشيرة إلى أن المرأة الإيرانية كانت العمود الفقري لكل حركة تغيير كبرى، من ثورة 1906 حتى انتفاضات اليوم.

وذكرت أن ما يدفع النساء الإيرانيات للاستمرار هو مزيج من “حقيقتهن المعاشة والمثال الحي”. وقالت إن ما يغذي صمودهن وشجاعتهن هو “الوضوح بشأن الحاضر والثقة في مستقبل مختلف”.

الحجاب والاختيار: لا للقسر في أي شكل
وفي فقرة الأسئلة والأجوبة، تحول النقاش إلى قضية الحجاب. أكدت الدكتورة آزاده سامي أن جدل الحجاب “لم يكن أبدًا حول القماش نفسه”، بل حول الاختيار والوكالة السياسية. وذكرت أن الإكراه على ارتداء الحجاب (من قبل الملالي) أو نزعه (في عهد الشاه) يتقاسمان منطقًا واحدًا: إنكار حق المرأة في اتخاذ القرار.
وشددت على المبدأ التوجيهي للحركة: “لا للحجاب الإلزامي، لا للدين الإلزامي، لا للحكومة الإلزامية.” واختتمت الحوار بتأكيد على الصفتين اللتين تصفان إرث المرأة الإيرانية في المقاومة: “باسلة (لا تخشى شيئًا)” و”لا تتزعزع (ثابتة)”.

وفي القرار الختامي لمؤتمر «إيران الحرة 2025»، طالب المشاركون في التجمع، وخاصة النساء المشاركات في المؤتمر، بأن يعترف المجتمع الدولي والحكومات الديمقراطية بحق الشعب الإيراني وحق وحدات المقاومة في مواجهة الاستبداد الديني والقوات القمعية، وخصوصًا الحرس الثوري، الذي أدرجته الولايات المتحدة الأميركية كمنظمة إرهابية أجنبية.

القرار الختامي للمؤتمر
اختُتم مؤتمر «إيران الحرة 2025» بقراءة القرار الختامي. وقد جاء في جزء من هذا القرار ما يلي: “إننا نؤكد أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي تعد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI/MEK) مكونه الرئيسي، يقدم بديلاً ديمقراطيًا موثوقًا لإنهاء النظام الحالي وإقامة جمهورية تستند إلى خطة السيدة رجوي ذات النقاط العشر. تحدد هذه الخطة عملية انتقالية تؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة في غضون ستة أشهر من الإطاحة بالنظام، وتضمن المساواة بين الجنسين، وفصل الدين عن الدولة، وحرية التعبير والتجمع، والتعايش السلمي في المنطقة، وجمهورية غير نووية.

وكنقطة أخيرة، لقد آن الأوان لأن يعترف المجتمع الدولي والحكومات الديمقراطية بحق الشعب الإيراني وحق معاقل الانتفاضة (کانون‌های شورشي) في مواجهة الاستبداد الديني الحاكم، والمقاومة ضد القوات القمعية، وخصوصًا الحرس الثوري الذي يعد القوة الرئيسية لقمع وبقاء هذا النظام الاستبدادي، والذي صنفته الولايات المتحدة الأميركية كمنظمة إرهابية أجنبية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى