اخبار العالم

المقررة الخاصة للأمم المتحدة: تدمير قبور الضحايا في إيران تدنيسٌ وانتهاكٌ للقانون الدولي ومحاولةٌ متعمدة لمحو “أدلة الجريمة”

في إدانة دولية قوية، قادت السيدة ماي ساتو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الإيران، تحركاً لخبراء حقوقيين أمميين للتنديد بالسياسة المنهجية التي يتبعها النظام الإيراني لـ “محو الذاكرة الجماعية”، والتي كان آخر فصولها تدمير “القطعة 41” في مقبرة بهشت زهرا بطهران.

في أغسطس 2025 ، استخدمت السلطات الإيرانية آليات ثقيلة لتسوية هذا القطاع بالأرض، بهدف تحويله إلى “موقف للسيارات”، مبررة فعلتها بأن الموقع كان “مهجوراً”، وهو ادعاء ترفضه عائلات الضحايا بشدة.

“القطعة 41” ليست مجرد أرض عادية؛ إنها المثوى الأخير لآلاف الأفراد الذين أُعدموا في فترة ما بعد الثورة، بمن فيهم معارضون سياسيون من مجموعات مختلفة.

بيان خبراء الأمم المتحدة 

أوضحت السيدة ماي ساتو، بصفتها المقررة الخاصة، في بيانها الرسمي تفاصيل هذه الجريمة المنهجية:

“لقد أدنّا، مع خبراء أمميين آخرين، تدمير القطعة 41 في مقبرة بهشت زهرا بطهران…

تشير التقارير أيضاً إلى تدمير مزارات قتلى احتجاجات 2022 وضحايا الطائرة PS752. كما مُنعت العائلات من الوصول إلى بعض المقابر، بما في ذلك مقبرة خاوران، وهي موقع مقبرة جماعية مرتبطة بإعدامات عقد الثمانينات (مجزرة 1988)، حيث تم إغلاق الوصول إليها في مارس 2025.”

القبور “مسارح جريمة” يجب حمايتها

لم تكن الإدانة سياسية فحسب، بل كانت قانونية بامتياز. شدد الخبراء الأمميون على أن النظام الإيراني ينتهك التزاماته الدولية الأساسية:

“كما أوضحنا في مراسلاتنا مع الحكومة الإيرانية، يلزم القانون الدولي الدول بالتحقيق في الوفيات التي يُحتمل أن تكون غير قانونية، والحفاظ على الأدلة، وضمان التعامل المحترم مع الرفات البشري.

القبور المرتبطة بإعدامات الثمانينات الجماعية هي ‘مسارح جريمة’ (Crime Scenes) وتتطلب حماية جنائية متخصصة بموجب ‘بروتوكول مينيسوتا’ (المعايير الدولية للتحقيق في الوفيات غير القانونية).”

“المحو الصامت”: تاون‌هول يكشف هجوم النظام الإيراني على الذاكرة والعدالة بتدمير “القطعة 41”

نشر موقع تاون هول مقالاً بقلم ستروان ستيفنسون، عضو البرلمان الأوروبي السابق، يفضح فيه “حملة شريرة” يشنها النظام الإيراني ليس فقط لإسكات المعارضة، بل “لمحو ذاكرة” أولئك الذين تحدوه

الحرب على الذاكرة الجماعية

أوضح بيان الخبراء أن الهدف من هذا التدمير يتجاوز مجرد إتلاف الأدلة المادية؛ إنه يهدف إلى قتل الذاكرة نفسها:

“القبور هي أماكن مقدسة ، حيث تكرم العائلات أحباءها، وتعيش مراحل حدادها، وتحفظ الذاكرة عبر الأجيال. إنها حلقة وصل حيوية بين الأحياء والأموات؛ أماكن تتذكر فيها المجتمعات تاريخها.

تدمير هذه المواقع لا يمحو القصص الفردية فحسب، بل يمحو ‘الذاكرة الجماعية’ نفسها. إن تدمير مثل هذه المواقع يُعد انتهاكاً للقانون الدولي ويزيد من معاناة العائلات.”

سياسة “تطهير الأدلة”

يأتي تدمير “القطعة 41” كجزء من محاولة طويلة الأمد من قبل قادة النظام لمحو أي أثر لجرائمهم السياسية من الذاكرة العامة. إن تحويل “مسرح جريمة” يوثق عمليات إعدام جماعية إلى “موقف للسيارات” هو محاولة متعمدة لمنع تشكيل أي مطالبة مستقبلية بالعدالة.

لقد أكدت عائلات الضحايا مراراً وتكراراً أن هذه المقابر ليست “مهجورة”، بل إن كل قبر فيها يحمل شهادة على تاريخ من العنف السياسي. إن إصرار النظام على تدمير هذه المواقع، رغم التحذيرات الدولية الواضحة من المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، لا يكشف سوى عن رعبه من الحقيقة وخوفه من المحاسبة التي لا مفر منها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى