خامنئي بين حصار خسارة غزة، ولهيب الانتفاضة، وفضيحة الإعدامات

بقلم نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وناشط في مجال حقوق الإنسان
(Nezam Mir Mohammadi)
نظام الملالي في مأزقٍ شامل
لم تعد أزمات نظام ولاية الفقيه متفرّقة أو محصورة في مجالٍ واحد، بل أصبحت طوقاً يشتدّ حول عنقه من كلّ جانب: من هزيمته السياسية في غزّة، إلى الإدانة العالمية المتصاعدة بسبب الإعدامات الجماعية، وصولاً إلى الغليان الشعبي في الداخل بعد إعادة تفعيل آلية “الزناد” وعودة عقوبات الأمم المتحدة. إنّ النظام الذي طالما عاش على تصدير الأزمات أصبح اليوم يختنق بها، فيما يفقد آخر أوراقه أمام الشعب والعالم.
هزيمة المشروع الإيراني في غزّة
حاول نظام الملالي منذ اندلاع الحرب في غزّة أن يصوّر نفسه “المدافع الأول عن المقاومة”، وأن يستخدم المأساة الفلسطينية لتلميع صورته في الداخل وتوحيد صفوفه المتصدّعة. لكنّ الوقائع أثبتت العكس: فشل ذريع في تحقيق أي مكسبٍ ميداني أو سياسي، وانكشاف دوره التحريضي في إشعال الحروب دون تحمّل أي مسؤولية حقيقية.
فبينما يدفع الفلسطينيون ثمناً باهظاً، استغلّ النظام الإيراني المأساة لتوجيه رسائل إلى واشنطن وتل أبيب، متوهّماً أنّ إشعال المنطقة سيمنحه ورقة تفاوضية. إلا أنّ الواقع الميداني والسياسي جاء صادماً: انكشاف “محور المقاومة” كغطاءٍ لهيمنة الحرس الثوري، وتزايد العزلة العربية لطهران التي لم تعد قادرة على خداع أحد بشعاراتها الزائفة.
لقد تحوّلت “القضية الفلسطينية” من ورقةٍ دعائية بيد النظام إلى مرآةٍ عاكسة لضعفه وهشاشته. فالشعب الإيراني نفسه يصرخ اليوم: لسنا طرفاً في حروب الملالي، بل ضحاياها.
لندن تدين نظام الإعدامات
في خضمّ هذه العزلة، تلقّى النظام صفعةً جديدة من لندن، حيث اجتمع مئات البرلمانيين والشخصيات الدولية في مؤتمرٍ كبير بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام. المؤتمر، الذي ترأسته السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، شكّل نداءً أخلاقياً وإنسانياً لوضع حدٍّ للمجازر اليومية التي ينفّذها النظام ضد السجناء السياسيين.
أكدت رجوي في كلمتها أن النظام الإيراني هو “نظام المشانق والمجازر”، وأنه يستخدم الإعدام سلاحاً لإرهاب المجتمع وخنق أي صوتٍ معارض. ودعت إلى اشتراط أي علاقةٍ سياسية أو اقتصادية مع طهران بوقف الإعدامات فوراً، مشدّدةً على أنّ البديل الديمقراطي موجود ومتماسك في المقاومة الإيرانية التي تناضل من أجل جمهورية مدنية حرّة.
وقد وقّع أكثر من ٥٠٠ شخصية دولية – من وزراء وبرلمانيين وقادة سابقين – على بيانٍ يدين تصاعد الإعدامات في إيران، حيث يُعدَم شخص كل ثلاث ساعات ونصف. هذا الإجماع الدولي الواسع عكس تحوّلاً نوعياً في النظرة إلى نظام طهران، الذي لم يعد يُرى كحكومةٍ “إسلامية”، بل كجهاز قمعٍ منظمٍ ضد الإنسانية.
وهكذا، جاء نداء لندن ليكشف الوجه الحقيقي للنظام أمام العالم، ويمنح الشعب الإيراني صوتاً في الساحات الدولية بعد عقودٍ من الصمت القسري.
الداخل الإيراني على حافة الانفجار
وفي الوقت الذي تتعالى فيه الإدانات الدولية، يعيش الداخل الإيراني على صفيحٍ ساخن بعد تفعيل آلية الزناد (Snapback) وإعادة العقوبات الأممية التي كانت مجمّدة بموجب الاتفاق النووي. هذه الخطوة شكّلت ضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني المنهك: انهيارٌ جديد في قيمة الريال، وارتفاعٌ جنوني في الأسعار، واتساع دائرة الفقر والبطالة.
الاحتجاجات تتجدّد في المدن، والإضرابات العمالية تتوسع يوماً بعد يوم، فيما تتزايد عمليات الكفاح الشعبي التي تقودها وحدات المقاومة داخل البلاد. الشارع الإيراني لم يعد يخاف من القمع، والنظام يدرك أن أي شرارةٍ جديدة قد تتحوّل إلى انتفاضةٍ عارمة لا يمكن احتواؤها.
وفي ظل هذا الوضع المتفجر، لم تعد دعاية النظام حول “الانتصارات الإقليمية” تنطلي على أحد. فكلّ جبهةٍ كان يتفاخر بها الملالي تحوّلت إلى مأزقٍ سياسي وأمني واقتصادي يهدد بقاءهم.
خاتمة
بين غزّة التي كشفت عجزه، ولندن التي فضحت جرائمه، وطهران التي تشتعل غضباً، يقف نظام ولاية الفقيه في مفترق طرقٍ لا نجاة فيه. لقد سقطت الأقنعة، وبات واضحاً أن البديل الواقعي والمشروع الوحيد هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يدعو إلى جمهوريةٍ ديمقراطية، غير نووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة والمساواة بين المرأة والرجل.
من غزّة إلى لندن إلى شوارع طهران، تتوحّد اليوم الرسالة:
لا للإعدام، لا للإرهاب، نعم للحرية في إيران.