اخبار العالم

آلية الزناد تكشف صراع تجار العقوبات داخل النظام الإيراني

مع تفعيل آلية الزناد وإعادة فرض ستة قرارات لمجلس الأمن الدولي ضد برنامج النظام الإيراني النووي اعتبارًا من 6 أكتوبر 2025، انكشف صراع داخلي عميق بين أجنحة السلطة. ففي حين أن هذه العقوبات، التي تركز على البرامج النووية والصاروخية للنظام ولا تشمل السلع الإنسانية، تشكل ضربة قاصمة للاقتصاد المتهالك، إلا أنها كشفت عن وجود تيار قوي داخل النظام يحتفل بعودة العزلة الدولية ويستفيد منها، وهم من يُعرفون بـ “تجار العقوبات”.

وقبل تفعيل الآلية، شهدت الساحة السياسية الإيرانية حرباً كلامية بين العصابات الحكومية المتنافسة، حيث تبادلت الاتهامات بالخيانة وتهديد بعضها البعض بالمحاكمة على خلفية مفاوضات عراقجي في القاهرة مع غروسي والأساس القانوني لآلية الزناد في الاتفاق النووي.

وبعد أن أصبحت العقوبات أمراً واقعاً، وصفت صحيفة “ستارة صبح” الإصلاحية، في 6 أكتوبر، فرحة المتشددين قائلة: “أقام المتطرفون احتفالات النصر وأعلنوا فرحتهم بتفعيل آلية الزناد عبر منابرهم. الآن بعد أن فشلت الدبلوماسية وسياسة التوجه شرقاً، يبدو أن هذه الجماعة سعيدة بتفعيل الآلية التي تعد كارثة على اقتصاد الشعب وحياته”.

هذا الموقف أكده حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة الأمن في برلمان النظام، عبر حسابه على منصة “إكس”: “احتفال المتطرفين بعودة العقوبات لا يصدق. لسنوات، دفعت الأمة ثمن أقوال وأفعال من ليسوا إيرانيين. إن فضاءهم الفكري منفصل عن بؤس الناس، وموائدهم الملونة هي نتاج معاناة الأطفال الذين ينامون جياعاً”.

وعلى الرغم من أن فلاحت بيشه لم يذكر صراحة هوية هذه الجماعة التي “موائدها الملونة هي نتاج معاناة الأطفال”، إلا أن عبد الناصر همتي، الوزير المُقال في حكومة بزشكيان، كشف عن هويتهم خلال جلسة استجوابه في البرلمان بتاريخ 2 مارس 2025، موضحاً كيف يجني “تجار العقوبات” أرباحاً بالمليارات من هذه الأزمة. قال همتي: “لدينا ما يزيد عن 30 مليار دولار من التهريب في هذا البلد… أمتنا واقعة في قبضة المهربين وتجار العقوبات والمنتفعين. 80% من شعبنا يُسحقون بسبب التكاليف التي يفرضها هؤلاء على الأمة”.

ورغم أن همتي لم يجرؤ على ذكر المهربين بالاسم، إلا أنه من الواضح أن عمليات تهريب بهذا الحجم لا يمكن أن ينفذها سوى حرس النظام الإيراني. فلا توجد أي جهة أخرى تملك القدرة على تهريب 20 مليون لتر من الديزل يومياً خارج حدود إيران، خاصة وأن حرس النظام يسيطر على الأرصفة والموانئ. ومن المفارقات أن هذا الكيان هو نفسه الذي يطلق النار على ناقلي الوقود البلوش الفقراء لمجرد نقلهم بضع لترات من الوقود لتأمين لقمة العيش.

وكان همتي قد أشار سابقاً إلى الإيرادات الفلكية للحرس وتجار العقوبات خلال المناظرة التلفزيونية للانتخابات الرئاسية في يونيو 2021، حيث قال موجهاً كلامه لإبراهيم رئيسي الذي كان يمثل مصالح الحرس: “لولا العقوبات، لكان تجار العقوبات قد خسروا 350 ألف مليار تومان سنوياً، أي ما يعادل ستة أضعاف رواتب الممرضين والمعلمين في البلاد”.

هذه الحقيقة أكدتها أيضاً إحدى وسائل الإعلام الحكومية في وقت سابق، حيث كتبت صحيفة “هم ميهن” في 6 أبريل 2024: “للأسف، الجزء الأكبر من اقتصاد البلاد يقع في أيدي تيارات وأوليغارشيات لا علاقة لها بالشعب. على سبيل المثال، مع تساهل بايدن، زادت صادرات النفط 6 أضعاف، لكننا لا نرى أي أثر لذلك في حياة الناس، لأن الربح الرئيسي ذهب إلى جيوب الأوليغارشية التي تُعرف باسم تجار العقوبات“.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى