غارة الدوحة: سقوط الخطوط الحمراء

بقلم شادي الياس
في تطوّر غير مسبوق، شنّت إسرائيل غارة جوية في 9 سبتمبر 2025 على مبنى في الدوحة، قطر، استهدفت اجتماعًا لقيادات حركة حماس. أسفرت العملية، التي أُطلق عليها اسم “قمة النار”، عن مقتل ستة أشخاص، بينهم نجل وأحد مساعدي القيادي في حركة ح م ا س خليل الحية، بالإضافة إلى عنصر أمني قطري. رغم أن القادة الرئيسيين لحماس نجوا، إلا أن الهجوم أثار موجة من الإدانات الإقليمية والدولية، وطرح تساؤلات حول تداعياته على العلاقات الإسرائيلية – القطرية وعلى استقرار المنطقة ككل.
تُعدّ هذه الضربة أول هجوم إسرائيلي معروف على الأراضي القطرية، مما يمثل تصعيدًا خطيرًا في الصراع الإقليمي. إن قطر، التي لعبت دورًا محوريًا كوسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، اعتبرت الهجوم انتهاكًا صارخًا لسيادتها وللقانون الدولي. وأفادت بأن إسرائيل لم تُخبرها بالعملية إلا بعد بدئها، وأن الأسلحة المستخدمة تفادت أنظمة الرادار القطرية.
من جهتها، بررت إسرائيل الهجوم بأنه رد على هجمات حماس الأخيرة على مدنيين في حافلة لنقل الركّاب في القدس، مؤكدة أن قادة الحركة لن يكونوا في مأمن أينما كانوا. لكن هذا التبرير لم يمنع موجة الانتقادات، حيث أعربت الولايات المتحدة، رغم إبلاغها المسبق بالعملية، عن استيائها، واعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهجوم يقوض جهود السلام. كما أدانت المملكة المتحدة و فرنسا والسعودية، وتركيا الهجوم، محذرة من تداعياته على استقرار المنطقة.
أما على صعيد العلاقات شهدت العلاقات بين قطر وإسرائيل مراحل من التعاون والتوتر منذ تسعينيات القرن الماضي. ففي حين احتفظت قطر بعلاقات دبلوماسية وتجارية محدودة مع إسرائيل، لعبت دورًا مهمًا في التوسّط بين إسرائيل وحماس، خاصة خلال النزاعات في غزة. لكن الهجوم الأخير قد يُحدث تحولًا جذريًا في هذه العلاقة، حيث اعتبرته قطر تجاوزًا للخطوط الحمراء، مما قد يدفعها لإعادة تقييم دورها كوسيط ولتعزيز علاقاتها مع أطراف إقليمية أخرى.
كيف تقرأ دول المنطقة هذه الحادثة؟ يحمل هذا الهجوم رسائل واضحة للدول المجاورة لقطر، خاصة “تركيا”، التي كانت ستستضيف هذا الإجتماع لحماس. فقد يُنظر إلى العملية كتحذير مبطن بأن إسرائيل مستعدة لضرب تركيا بالمباشر كما فعلت في قطر حتى وإن كان ذلك على حساب العلاقات مع دول حليفة أو محايدة.