اخبار العالم

من تصدّع رأس النظام في طهران إلى انتفاضات الداخل صورة إيران من الداخل

شهدت الساحة الإعلامية والسياسية يوم الأحد 24 أغسطس/آب 2025 انعقاد لقاء حواري عبر الإنترنت تحت عنوان «من تصدّع رأس النظام في طهران إلى فشل الأذرع في بيروت»، بمشاركة نخبة من الشخصيات الإعلامية والسياسية، وحضور بارز للأستاذ موسى أفشار، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فيما أدار الحوار مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة. اللقاء شكّل منصة غنية لتحليل تطورات الداخل الإيراني وربطها بتداعياتها الإقليمية، غير أنّ التركيز الأساسي انصبّ على المشهد الداخلي وما يحمله من دلالات خطيرة على مستقبل النظام.
تصدعات القمة وهواجس السقوط
منذ انطلاقة الحوار، تم تسليط الضوء على الفيلم الوثائقي الذي استعرض جانبًا من الأوضاع في إيران، حيث عكست مشاهده حقيقة مريرة: نظام مأزوم داخليًا، محاصر بالاحتجاجات، ويعتمد بشكل متزايد على أدوات القمع. هذا التصدّع في قمة السلطة الإيرانية لم يعد خافيًا، بل يظهر جليًا في الخطاب المتناقض لقياداته، بين ما يسمّى بـ”الإصلاحيين” والمحافظين. وكما أوضح مدير الجلسة، فإن ما يبدو “نقاشًا سياسيًا” ليس سوى تبادل للاتهامات بين أجنحة غارقة في الخوف من الغرق المحتوم.
آلة الإعدام والخوف من القبور
المتحدثون توقفوا عند تصاعد غير مسبوق في تنفيذ الإعدامات داخل إيران، حيث وثّقت المقاومة الإيرانية أكثر من ألف حالة إعدام خلال عام واحد فقط. وفي الأسبوع الأخير وحده، نفّذ النظام إعدامين علنيين شنقًا أمام حشود، بثّتها وسائل إعلامه الرسمية لإرهاب المجتمع. لكن المشهد الأكثر دلالة هو إعلان سلطات طهران عن خطة لتدمير قبور شهداء مجزرة 1988، في إقرار صريح بأن النظام يخشى حتى من ذاكرة ضحاياه. إنّه نظام يرى في كل شاهد قبر تهديدًا لوجوده.
الشارع الإيراني: من المطالب المعيشية إلى الهتاف ضد الولي الفقيه
ما أشار إليه موسى أفشار بوضوح هو أنّ آلة القمع لم تعد كافية لإخماد الغضب الشعبي. فالمظاهرات التي بدأت بمطالب معيشية – احتجاجًا على التضخم، وانقطاع المياه والكهرباء، وغلاء الأسعار – تحوّلت سريعًا إلى شعارات سياسية مباشرة: «الموت لخامنئي»، «الموت للديكتاتور»، «لا لغزة، لا للبنان، روحي فداء لإيران». مشاهد مدن مثل شيراز وكازرون تجسّد هذا التحوّل النوعي: شعب يرفض المعادلة التي اعتاد عليها النظام لعقود، أي تصدير الأزمات للخارج لتغطية الفشل الداخلي.
أيلول: شهر الخيارات الصعبة للنظام
اللقاء ربط بذكاء بين الداخل والخارج عبر الإشارة إلى شهر سبتمبر المقبل، حين تتزايد الضغوط الدولية مع اقتراب تفعيل آلية الزناد (Snapback) وإعادة العقوبات الأممية. هذا التزامن بين العقوبات الخارجية والانفجار الداخلي يجعل من سبتمبر شهرًا مفصليًا: إمّا أن يستمر النظام في سياسة القمع الدموي، أو يواجه انتفاضة لا يمكن السيطرة عليها. في الحالتين، يتضح أنّ النظام يقف على حافة الهاوية.
بين الإصلاح المفقود والمقاومة المنظمة
المداخلات في اللقاء شدّدت على أنّ الانقسامات داخل النظام لا تمهّد لأي إصلاح حقيقي، بل تعكس هشاشة متزايدة. خامنئي لم يعد قادرًا على الإمساك بكامل مفاصل الحكم، فيما اعترف رئيس النظام نفسه، مسعود بزشكيان، قائلًا: «لدينا مشاكل في كل شيء». أمام هذا الانهيار، يبرز البديل المنظّم والوحيد: المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، إلى جانب وحدات الانتفاضة التي تواصل أنشطتها اليومية داخل البلاد، مهدّدة أركان السلطة.
أربع أزمات كبرى تعصف بالنظام
وفق تحليل مهدي عقبائي، فإن النظام يواجه اليوم أربع أزمات رئيسية متزامنة:
1. خطر الحرب: حيث يعيش النظام في حالة استنفار دائم ويستخدم لغة التهديد.
2. هاجس العقوبات: مع اقتراب تفعيل “السناب باك” الذي سيخنق اقتصاده المنهار.
3. الأزمات الاجتماعية: انقطاع المياه والكهرباء والتضخم الجامح.
4. الانقسامات الداخلية: صراع الذئاب بين أجنحة النظام في العلن.
هذه الأزمات تتفاعل وتضاعف من حالة الشلل السياسي، وتجعل النظام في مواجهة مفتوحة مع شعبه.
رسالة إلى الرأي العام العربي
في ختام اللقاء، وجّه موسى أفشار رسالة واضحة: المعركة الحقيقية ليست في بيروت أو بغداد أو صنعاء، بل في قلب طهران. وأكد أنّ الإعلام العربي بحاجة إلى إدراك أعمق لحقيقة ما يجري داخل إيران، ليس فقط لفضح جرائم النظام، بل لفهم حجم الاستعداد الشعبي لإسقاطه. واعتبر أنّ مسؤولية النخب والإعلاميين العرب تكمن في كسر جدار الصمت وإيصال صوت الشعب الإيراني ومقاومته إلى الرأي العام.
خلاصة
المشهد الإيراني الداخلي، كما عرضه اللقاء، يُظهر نظامًا مأزومًا، غارقًا في الدماء، عاجزًا عن تقديم أي حلول، ومهدّدًا بانتفاضة متصاعدة. ومع تصاعد القمع والاعتقالات، يظهر الشعب الإيراني أكثر تصميمًا على التغيير، فيما تبرز المقاومة كخيار عملي وبديل ديمقراطي. الرسالة الأبرز: إيران على أعتاب تحوّل تاريخي، والنظام على حافة السقوط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى