تغييرات هيكلية تهز إيران مع تآكل سلطة الولي الفقيه وتصاعد خطر الانتفاضة

في تحليل نشره موقع “نيوزماكس” الأمريكي، تناول الخبير في الشؤون الإيرانية، حميد عنايت، التحديات الهيكلية العميقة التي یواجه النظام الإيراني، لا سيما معضلة خلافة الوليالفقیة علي خامنئي البالغ من العمر 86 عامًا. ويشير التحليل إلى أن الضربات الأمنية الأخيرة التي تعرض لها النظام، إلى جانب الضغوط الاقتصادية، أدت إلى تآكل سلطة الولي الفقيه وحرس النظام، مما يجعل احتمالية اندلاع انتفاضة وطنية شاملة خطرًا جديًا وداهمًا أكثر من أي وقت مضى.
أزمة الخلافة وسيناريو توريث مجتبى خامنئي
يصف التحليل أحد أخطر التحديات التي تواجه النظام الإيراني بأنها مسألة خلافة خامنئي. فالهيكل السياسي الحالي يبدو وكأنه مصمم خصيصًا لشخص خامنئي، وبدونه يقف النظام بأكمله على شفا الانهيار. وتشير التقارير إلى أن علي خامنئي يعتزم تعيين ابنه، مجتبى، نائبًا وخليفة له عبر سيناريو مخطط له مسبقًا. يخدم هذا المخطط هدفين رئيسيين: أولًا، تجنب نسبة أي تنازلات نووية أو إقليمية إلى خامنئي شخصيًا؛ وثانيًا، تفادي أزمة كبرى قد تنجم عن وفاة مفاجئة للمرشد دون وجود خليفة معين، مما قد يؤدي إلى انتفاضة عارمة.
تآكل القبضة الأمنية وانعدام الثقة
خلال المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، تعرضت البنية التحتية الدفاعية والنووية الإيرانية لضربات قاسية نتيجة الاختراق الأمني. وقد أدى مقتل العديد من كبار القادة العسكريين والمخابراتيين إلى خلق موجة من عدم الثقة في أعلى مستويات السلطة وتآكل هيبة حرس النظام الإيراني بشكل كبير. ورغم أن خامنئي كان قد بدأ منذ عام 2018 عملية “تطهير” لتحويل النواة الأمنية الصلبة إلى القوة المهيمنة في البلاد، إلا أن الهجمات الأخيرة كشفت أن هذه النواة نفسها مخترقة، مما يعرض أمن المرشد نفسه للخطر. ولمواجهة هذا الضعف، تم تأسيس “مجلس الدفاع الأعلى” لتوحيد هياكل الاستخبارات المتعددة والمتنافسة (استخبارات حرس النظام، وزارة المخابرات، ومكتب الولي الفقیة).
عودة علي لاريجاني ومأزق “لا حرب ولا سلام”
يأتي تعيين الشخصية المعتدلة علي لاريجاني أمينًا جديدًا للمجلس الأعلى للأمن القومي في سياق محاولة موازنة الفصائل المتناحرة، وسد الفجوة بين الأجهزة الأمنية. وفي الوقت نفسه، يعيش النظام في مأزق “لا حرب ولا سلام”، فمع اقتراب تفعيل آلية “سناب باك” لإعادة فرض العقوبات تلقائيًا، يتجه اقتصاد البلاد نحو مزيد من عدم الاستقرار. المجتمع المفقر يقف على حافة الفوضى بعد خمس ثورات وطنية، وأي انتفاضة قادمة قد تكون حاسمة، مما أجبر خامنئي على الموافقة السريعة على وقف إطلاق النار الأخير.
استراتيجية خامنئي: مفاوضات خارجية وقمع داخلي
الهدف الأساسي لخامنئي هو الحفاظ على هيكل “ولاية الفقيه”. وقد أظهرت حرب الـ12 يومًا أن نقاط ضعف النظام أكبر بكثير مما كان يتصور. لذلك، يتبع مسارين متوازيين: احتواء التوترات الخارجية عبر مفاوضات محدودة وتنازلات تدريجية لتخفيف الضغوط، وإظهار السلطة في الداخل عبر تشديد القمع وزيادة الإعدامات. لكن على عكس الماضي، لم يعد خامنئي قادرًا على توحيد الخطاب السياسي، حيث يسعى كل فصيل الآن إلى مساره المستقل، وهو دليل واضح على تراجع سلطته
تآكل سلطة حرس النظام وخطر الانتفاضة الوطنية
تعتبر الهجمات المفتوحة من قبل المتشددين على الرئيس مسعود بزشكيان، وجهود شخصيات مثل حسن روحاني للضغط على خامنئي عبر المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، مؤشرات على نهاية الإجماع داخل النظام. ويخلص التحليل إلى أن هذه التغييرات الهيكلية لا تظهر ضعف المرشد فحسب، بل تشير أيضًا إلى تآكل سلطة حرس النظام وجهاز استخباراته. ومع ضعف الركيزة الأساسية التي اعتمد عليها النظام طويلًا، أصبحت احتمالية اندلاع انتفاضة وطنية، تقودها وحدات المقاومة المنظمة، خطرًا جديًا ومتزايدًا ولم تعد تهديدًا بعيد المنال.