اخبار العالم

انتفاضات الأمل: صرخة الشعب الإيراني ضد الفساد والظلم المتجذر

 

شهدت إيران خلال الأسبوع الماضي تصاعدًا واضحًا في الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت مدن ومناطق شتى من البلاد، تعبيرًا عن الغضب المتزايد تجاه الفساد المستشري، الفشل الاقتصادي، والسياسات المناهضة للمصلحة العامة التي تنتهجها حكومة نظام الملالي. خرجت قطاعات واسعة ومتنوعة من المواطنين، من الخبازين الذين يعانون في طهران، إلى الشباب المتضررين من التجاوزات في مشاريع البناء في آراك وبيرجند، وصولًا إلى المتقاعدين الصامدين في رشت، جميعهم رفعوا أصواتهم في وجه نظام ينهب مقدرات الشعب ويعوق تطلعاته نحو الحرية والعدالة.

 

نهج ممنهج للنهب واحتيال الدولة

برز خلال هذا الأسبوع نمط واضح من الاحتجاجات المتعلقة بالوعود الكاذبة والاحتيال الذي ترعاه السلطات. ففي آراك، نظمت عائلات وأفراد ممن تقدموا لمشروع “كيسون” السكني، الذي يشمل آلاف الوحدات، اعتصامات ليلية احتجاجًا على سنوات من التأخير وعدم تسلمهم منازلهم التي دفعوا مقابلها مدخرات حياتهم، في حين شهدت بيرجند احتجاجات مماثلة بسبب تأجيل مشروع “الزعفرانية” للإسكان. هذه الظاهرة لا تقتصر على قطاع السكن فقط، بل تشمل أيضًا الصناعات الحكومية، حيث عبّر عملاء شركة “سايبا” للسيارات المملوكة للدولة عن غضبهم بعد دفع مبالغ كبيرة دون استلام سياراتهم أو الحصول على إجابات واضحة، مما يكشف عن استراتيجية ممنهجة للاستيلاء على أموال المواطنين تحت غطاء مشاريع وطنية.

 

مطالب اقتصادية واجتماعية في صدارة المشهد

لم يقتصر الغضب على الفئات المتضررة من الاحتيال، بل شمل قطاعات واسعة من العمال والمتقاعدين الذين يحتجون على الأوضاع المعيشية الصعبة. في طهران، رفع الخبازون صوتهم احتجاجًا على تقنيات العمل المكلفة ونظام “نانينو” الحكومي الفاشل، بينما خرج المتقاعدون في رشت بمسيرات مرددين شعارات قوية تعكس تصميمهم على نيل حقوقهم وعيش حياة كريمة بعيدًا عن القهر. وفي مدن أخرى مثل إيرانشهر وشادكان، عبر العاملون في القطاعين الصحي والبلدي عن استيائهم من عدم صرف رواتبهم وغياب عقودهم الرسمية، مطالبين بتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

 

تحديات مباشرة أمام قرارات النظام

تجلى تحدي الشعب للنظام أيضًا في احتجاجات الأهالي في مناطق مثل آلاويجه بمحافظة أصفهان، الذين رفضت السلطات السماح لهم بافتتاح مستشفى بنوه أموالهم الخاصة، رغم حرصهم على توفير هذه الخدمة الضرورية للمجتمع نتيجة غياب دعم الدولة. كما تبرز احتجاجات سكان صالحية أمام إدارة المياه للاعتراض على انقطاعات المياه المتكررة في فصل الصيف، مما يزيد من معاناة المواطنين ويؤكد فشل النظام في توفير الخدمات الأساسية.

 

وحدة وطنية في مواجهة الديكتاتورية

تُظهر هذه الاحتجاجات، المنتشرة في مختلف المدن والمناطق، صورة أمة متحدة في رفض ديكتاتورية النظام واستعدادها المستمر للنضال من أجل إقامة جمهورية حرة وديمقراطية تعتمد العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. فهذه الحركات الشعبية ليست مجرد صرخات عزل، بل هي تعبيرات مترابطة عن إرادة شعبية تتحدى الظلم والفساد القائم، وتؤكد على استمرار موجة الاحتجاج التي لن تتوقف حتى تحقيق التغيير المنشود.

 

في ظل تصاعد هذه الاحتجاجات وتنامي مقاومتها داخل جميع طبقات المجتمع الإيراني، من الواضح أن النظام يواجه أزمة شرعية متزايدة، وصعوبة متنامية في كبح جماح السخط الشعبي المتجدد، مما يبشر بمرحلة جديدة من الصراعات والتحديات التي قد تشهد تحولات جذرية في المشهد السياسي والاجتماعي الإيراني في المستقبل القريب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى