خامنئي في مواجهة الحسم النووي: بين التمسك بالتخصيب والمخاطر المتصاعدة

طهران – 7 يونيو 2025
في ظل استمرار المفاوضات النووية التي تتوسط فيها سلطنة عمان، وتزايد الضغوط الدولية على النظام الإيراني لوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، جاء الخطاب الأخير للولي الفقيه علي خامنئي في ذكرى وفاة مؤسس النظام، روح الله الخميني، ليكشف عن مأزق استراتيجي عميق يعيشه النظام.
خامنئي وصف الاقتراح الأمريكي بلهجة حادة، واعتبره “يتنافى مع قدراتنا الذاتية”، مؤكداً أن التخصيب هو مفتاح الاستقلال الوطني. لكن هذه التصريحات لا تعكس قوة، بل تعبر عن قلق ويأس متزايدين لدى نظام محاصر داخلياً وخارجياً. فالنظام لا يستطيع قبول اتفاق جديد يعتبره بمثابة “شرب للسم”، وفي الوقت ذاته لا يمكنه تحمل استمرار الضغوط إذا استمر في رفع مستوى التخصيب.
تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أن إيران تواصل رفع مستويات تخصيب اليورانيوم إلى نسب عالية جداً حتى أثناء المفاوضات، ما يضع النظام في موقف هش بين التفاوض الظاهري والإصرار العملي على التخصيب. هذه الاستراتيجية تشبه “اللعب على حبل مشدود” تهدف إلى كسب الوقت والالتفاف على آليات دولية مثل “بند الغروب” وآلية “السناب باك” لإعادة فرض العقوبات، لكنها محكومة بالفشل في ظل تزايد فقدان المصداقية.
برنامج التخصيب يمثل سيفاً ذا حدين للنظام، فهو ليس مجرد مشروع تقني بل أداة سياسية للحفاظ على السلطة، أنفق عليها النظام مليارات الدولارات على حساب معاناة الشعب. يعتبر خامنئي هذا البرنامج ضمانة لبقاء نظامه، لكن هذه المقامرة عززت عزلة النظام عن المجتمع الدولي.
لا خيار للنظام بين الاستمرار في التخصيب، الذي يهدد بتفعيل العقوبات، أو التوقف عنه، الذي يعني استسلاماً للضغوط وإضعافاً داخلياً. محاولة خامنئي إضفاء الشرعية على هذا البرنامج بالحديث عن “الاستقلال الوطني” وتحويله إلى أداة لتبرير القمع والمغامرات الخارجية، باتت غير مقنعة.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين، مثل عباس عراقجي، تشير إلى رغبة في إطالة أمد المفاوضات لكسب الوقت وإحداث انقسامات في التحالف الدولي، خاصة بين أوروبا والولايات المتحدة، والتأثير على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
مع اقتراب الموعد النهائي لأحد البنود الرئيسية في الاتفاق النووي في الخريف، تتصاعد الضغوط لاتخاذ قرار حاسم. الدبلوماسي الأمريكي السابق إليوت أبرامز يرى أن أي اتفاق مؤقت مع النظام الإيراني لا طائل منه، لأن طبيعة النظام لا تتغير وسيواصل السعي نحو امتلاك السلاح النووي.
في النهاية، يكمن الحل الحقيقي في يد الشعب الإيراني، ودعم مقاومته لاستبدال النظام الحالي بنظام ديمقراطي وغير نووي. خطاب خامنئي الأخير يعكس ضعفاً وليس قوة، ويؤكد أن النظام وصل إلى طريق مسدود في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.