اخبار العالم

عندما تُبتلى الشعوب بقادة حمقى: الحزب الديمقراطي الأميركي نموذجاً

بقلم تادي عواد

شهدت الولايات المتحدة الأميركية في السنوات الأخيرة تصاعداً لافتاً في التوتر السياسي الداخلي، تُرجم إلى سياسات اقتصادية متخبطة وتدخلات مؤسساتية مشبوهة. ولعل أبرز مظهر لذلك يتمثل في استخدام الحزب الديمقراطي الأميركي لأذرعه داخل القضاء الفدرالي، بهدف عرقلة سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، خصوصاً تلك المتعلقة بإعادة تنظيم التجارة الخارجية وفرض ضرائب على البضائع المستوردة.

تدخل سياسي في الاقتصاد

محاولات ترامب لفرض رسوم جمركية على الواردات كانت تهدف إلى حماية الصناعة الوطنية، وتقليص العجز التجاري المزمن مع دول مثل الصين والمكسيك وألمانيا. لكن هذا التوجه قوبل بمقاومة شرسة من قبل تيارات يسارية محسوبة على الحزب الديمقراطي، بحجّة أنه سيضر المستهلك الأميركي. في الواقع، لم تكن تلك المعارضة قائمة على اعتبارات اقتصادية بقدر ما كانت جزءاً من معركة سياسية تهدف إلى تعطيل مشروع ترامب الاقتصادي وإفشاله قبل انتخابات 2024.

الاقتصاد الأميركي على شفير الإفلاس؟

تجاوزت خدمة الدين العام الأميركي (أي الفوائد السنوية على الدين الفدرالي) عتبة 1.1 تريليون دولار سنوياً، وهو رقم يوازي تقريباً مجمل الميزانيات العسكرية لعدة دول مجتمعة. ويُتوقع أن يستمر هذا الرقم في التصاعد مع بقاء معدلات الفائدة مرتفعة وزيادة الإنفاق العام.

الاقتصاد الأميركي اليوم يواجه أزمة ثلاثية الأبعاد:

عجز موازنة فدرالية متراكم (تجاوز 1.5 تريليون دولار في 2024).

تضخم مقنّع رغم محاولات مجلس الاحتياطي الفدرالي كبحه.

انكماش صناعي نسبي بسبب الاعتماد المتزايد على الواردات الرخيصة.

في المقابل، تصر النخب اليسارية داخل الحزب الديمقراطي على زيادة الإنفاق العام على برامج الرعاية والمساعدات الخارجية، وتجنّب أي حلول جذرية تتضمن تقليص الإنفاق أو فرض رسوم حماية للصناعة الأميركية، ما يجعلهم شركاء فعليين في تدمير البنية الاقتصادية للبلاد.

التواطؤ اليساري العابر للحدود

لا يمكن فصل ما يحدث داخل أميركا عن التوجهات العالمية لليسار الليبرالي الذي يسعى، تحت شعارات العدالة الاجتماعية والبيئة، إلى فرض نموذج اقتصادي عالمي هش يعتمد على العولمة المطلقة، وإضعاف الصناعات المحلية، وإغراق الأسواق بالبضائع الصينية والآسيوية. والحزب الديمقراطي الأميركي هو رأس الحربة في هذا المشروع داخل الولايات المتحدة.

ليست الصين المشكلة، بل واشنطن

يتحدث الإعلام الأميركي كثيراً عن “الخطر الصيني”، لكنه يتجاهل أن الخطر الأكبر ينبع من الداخل. فالنخبة السياسية، خصوصاً داخل الحزب الديمقراطي، تُصرّ على اتباع سياسات اقتصادية تؤدي إلى مزيد من الاستدانة، وإضعاف القدرة الإنتاجية، ورفع الضرائب على الشركات المنتجة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ثورة اقتصادية عكسية تعيد الصناعة والاستقلالية المالية.

الخلاصة: قد تكون الصين منافساً اقتصادياً شرساً، لكن الانهيار المحتمل للولايات المتحدة لن يأتي من بكين، بل من واشنطن نفسها، إن استمرت سيطرة حفنة من الحمقى الاقتصاديين واليساريين المغامرين على مفاصل القرار. إن الشعب الأميركي، مثل شعوب كثيرة قبله، قد يدفع ثمناً باهظاً بسبب قيادات تُقدّم الأيديولوجيا على الاقتصاد، والشعارات على الأرقام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى