جولة روما الخامسة: استمرار الجمود النووي وسط تصاعد التوترات الداخلية والإقليمية

واقع المفاوضات: صراع على التفاصيل وتعقيدات استراتيجية
اختتمت الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في روما يوم الجمعة 23 مايو 2025، وسط أجواء من الجمود والتوتر المتزايد. بدأت المحادثات في السفارة العمانية بحضور وفدي الطرفين، إلا أن مغادرة المبعوث الأمريكي ستيف فيتكوف بعد حوالي 90 دقيقة من بدء الجلسة، أثارت تساؤلات كبيرة حول جدية الطرف الأمريكي في استكمال الحوار، خاصة مع تضارب الروايات الإعلامية حول سبب مغادرته.
في الوقت الذي حاولت فيه وسائل إعلام النظام الإيراني تصوير الموقف بهدوء واحترافية، أظهرت مصادر مستقلة أن المحادثات لم تحقق أي تقدم ملموس، بل اقتصرت على مناقشات فنية على مستويات أدنى، مع استمرار لقاءات ثنائية بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومسؤولين عمانيين.
تصريحات عراقجي التي وصف فيها المفاوضات بأنها “معقدة ولا يمكن حلها في جلستين أو ثلاث”، تعكس عمق الخلافات، خصوصاً حول ملف تخصيب اليورانيوم الذي يعتبر حجر الزاوية في المفاوضات. هذا الملف ظل محوراً للتوتر، حيث ترفض إيران تقليص نسبة التخصيب أو تفكيك المنشآت النووية، بينما تصر الولايات المتحدة على ضمانات صارمة تمنع أي إمكانية لتطوير سلاح نووي.
تحركات داخلية متزامنة: استعراض القوة والتمسك بالمواقف المتشددة
في ظل الجمود الدولي، شهدت إيران تحركات داخلية تعكس تمسك النظام بمواقفه المتشددة. تجمّع عدد من أنصار النظام و”مرتزقته” أمام محطة بوشهر النووية، مطالبين باستمرار تخصيب اليورانيوم، في رسالة واضحة للغرب بأن إيران لن تتنازل عن حقها في البرنامج النووي.
كما أصدرت وسائل إعلام النظام تصريحات تؤكد أن “محور المقاومة” خط أحمر لا يمكن تجاوزه، مع تأكيدات على أن الشعب الإيراني “لديه خطة للقضاء على الكيان الصهيوني”، مما يعكس استمرار الخطاب العدائي والتصعيدي.
هذا التناقض بين المفاوضات الهادئة نسبياً في العُمانية، والتصريحات المتشددة في الداخل، يعكس مأزق النظام الإيراني الذي يحاول كسب الوقت دون تقديم تنازلات جوهرية، في مواجهة سياسة الضغط الأقصى التي تتبعها واشنطن.
الخلاصة: مستقبل غامض للاتفاق النووي وسط تصعيد متبادل
جولة روما الخامسة لم تكن سوى استمرار لحالة الجمود التي تسيطر على الملف النووي الإيراني منذ سنوات.
الطرفان يواصلان اختبار مواقف بعضهما البعض، مع غياب إرادة حقيقية لإنهاء الأزمة، مما يضع مستقبل الاتفاق النووي في مهب الريح.
في الوقت الذي يزداد فيه التوتر الإقليمي والدولي، تبقى إيران أمام خيارين صعبين: إما تقديم تنازلات جوهرية تضمن رفع العقوبات وإنهاء العزلة، أو مواجهة تصعيد قد يؤدي إلى أزمات أوسع في المنطقة.
هذه الجولة تؤكد أن الطريق إلى السلام طويل وشاق، وأن أي اختراق يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف.