اخبار العالم

إيران تتمسك بالتخصيب وأمريكا تطالب بالتفكيك: مأزق المفاوضات النووية يتعمق

وسط جولات التفاوض غير المباشر بين النظام الإيراني والولايات المتحدة في سلطنة عمان، تكشفت تصريحات متصلبة من الطرفين تعكس انسدادًا متزايدًا في المفاوضات النووية، رغم استمرارها الشكلي. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في ندوة بالدوحة، أكد تمسك النظام بحق التخصيب النووي كخط أحمر، بينما رفع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سقف المطالب، مشترطًا تفكيك المنشآت النووية بالكامل. هذا التصعيد المتبادل يكشف عن تناقضات عميقة بين الخطابات الدبلوماسية والمواقف الجوهرية، مما يضع المفاوضات في مأزق قد يُنذر بانفجار دبلوماسي أو تصعيد أوسع. في ظل هذا التوتر، تظل المفاوضات مجرد مسرح سياسي، حيث يتبادل الطرفان الاتهامات بينما يبتعدان عن أي اتفاق محتمل.

تصريحات متصلبة تكشف التناقضات

خلال ندوة حوارية في الدوحة يوم 10 مايو 2025، تبنى عباس عراقجي لهجة تصالحية تجاه دول المنطقة، مشددًا على أن “الجمهورية الإسلامية تؤمن بالحوار على المستويين الداخلي والإقليمي”، ومؤكدًا أن “الطريق إلى مستقبل آمن يمر عبر الاحترام والتعايش ومراعاة المصالح المشروعة.” لكنه تحول إلى نبرة متشددة عند الحديث عن الملف النووي، حيث أعلن أن “إيران لا تسعى لسلاح نووي، لكنها لن تتخلى عن حقها في التخصيب والاستخدام السلمي للطاقة النووية.” وأضاف: “إذا كان الهدف منع إيران من امتلاك سلاح نووي، فهذا محسوم، لكن إذا كان حرماننا من حقوقنا النووية، فلن نتراجع أبدًا.” هذه التصريحات تعكس استراتيجية النظام المزدوجة: لغة دبلوماسية ناعمة إقليميًا، وموقف صلب في الملف النووي. في المقابل، أثار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف زوبعة في مقابلة مع موقع “برايتبارت”، حيث طالب بـ”عدم وجود أي برنامج تخصيب في إيران”، مشددًا على ضرورة “تفكيك نطنز وفوردو وأصفهان بالكامل.” كما دعا إلى “خفض مستويات التخصيب فورًا، وتصدير المواد النووية، وتحويل البرنامج إلى مدني صرف.” هذا الموقف الأمريكي، الذي يرفع السقف إلى مستوى غير مسبوق، يكشف عن انعدام الثقة بواشنطن تجاه نوايا النظام، ويضع المفاوضات على حافة الانهيار. وسائل إعلام النظام ردت بغضب، حيث طالبت صحيفة “كيهان” التابعة لخامنئي بـ”وقف التفاوض حتى يعتذر ترامب رسميًا”، بينما وصفت صحيفة “جوان” التابعة للحرس الجولة الرابعة بـ”الابتزاز وليس التفاوض”، متهمة أمريكا بفرض شروط تعجيزية.

مأزق المفاوضات: بين الخطوط الحمراء والشروط التعجيزية

التباين بين موقفي الطرفين يكشف عن مأزق جوهري يهدد استمرار المفاوضات. النظام الإيراني يعتبر التخصيب خطًا أحمر لا يمكن التفاوض عليه، معتبرًا أنه رمز للسيادة الوطنية ووسيلة لتعزيز موقفه التفاوضي. في المقابل، تُصر الولايات المتحدة على تفكيك البرنامج النووي بالكامل، معتبرة أن أي تساهل سيسمح للنظام باستئناف أنشطته العسكرية سرًا. هذا التضارب يعكس انعدام الثقة المتبادل، حيث يرى النظام أن الشروط الأمريكية تهدف إلى إضعافه، بينما تعتقد واشنطن أن أي تنازل سيُعزز قدرات النظام النووية. تصريحات عراقجي تُظهر محاولة النظام لتصوير نفسه كطرف ملتزم بالحوار، لكن تمسكه بالتخصيب يُعرقل أي تقدم. من جهة أخرى، شروط ويتكوف المتشددة تُشير إلى أن إدارة ترامب تسعى لفرض حل نهائي يُنهي التهديد النووي الإيراني، حتى لو أدى ذلك إلى انهيار المفاوضات. ردود وسائل إعلام النظام، التي تصف المفاوضات بـ”الابتزاز”، تُظهر حالة الإحباط داخل النظام، الذي يجد نفسه محاصرًا بين ضغوط داخلية وخارجية. هذا الوضع يجعل المفاوضات شكلية إلى حد كبير، حيث يبدو الطرفان أكثر اهتمامًا بتسجيل النقاط السياسية من السعي لاتفاق حقيقي.

الخلاصة: مفاوضات على حافة الانهيار

المفاوضات النووية بين النظام الإيراني والولايات المتحدة تتجه نحو مأزق عميق، مع تمسك إيران بحق التخصيب وإصرار أمريكا على تفكيك المنشآت النووية. تصريحات عراقجي وويتكوف تكشف عن تناقضات لا يمكن تجاوزها في ظل انعدام الثقة المتبادل. بينما تستمر المفاوضات شكليًا، يظل الواقع أن الطرفين يبتعدان عن أي تسوية، مما يُنذر بتصعيد قد يُعيد إيران إلى عزلة دولية أو يُشعل مواجهة أكبر. السؤال المعلق: هل ستظل هذه المفاوضات مجرد استعراض سياسي، أم ستتحول إلى نقطة انفجار تُغير المعادلة الإقليمية؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى