جيل كامل في قبضة القمع: اعتراف السلطة القضائية يكشف عمق أزمة النظام مع الشباب الإيراني

في تصريح غير مسبوق، أقر رئيس السلطة القضائية في إيران، غلام حسين محسني إيجه إي، بأن القضاء تعامل مع 90 ألف ملف ضد طلاب، معلمين ومواطنين عقب انتفاضة 2022. هذا الرقم الصادم يكشف عن حجم الهلع الذي يعيشه النظام أمام جيل جديد يرفض الخضوع، ويضع السلطة في مواجهة مباشرة مع مجتمع شاب متعطش للحرية.
إيجه إي حاول تبرير هذه الحملة عبر الحديث عن “عفو قضائي” وإمكانية تقديم طلبات العفو، لكنه في الوقت ذاته شدد على أن من بقي في السجون هم من ارتكبوا “أعمال خطيرة ومنظمة”، في إشارة واضحة إلى أن النظام لا يغفر لمن يتجاوز الخطوط الحمراء السياسية، خاصة من يُتهمون بالارتباط بمنظمة مجاهدي خلق. ورغم الدعاية الرسمية التي تصف المنظمة كتنظيم هامشي، يواصل النظام تسميتها بـ”العدو الرئيسي”، في اعتراف ضمني بخوفه من بديل سياسي تتبناه الأجيال الشابة.
أمننة التعليم… عندما يصبح التفكير جريمة
أزمة النظام لا تتوقف عند حدود القمع الأمني، بل تمتد إلى محاولة السيطرة على التعليم نفسه. ففي أبريل 2025، وقّع وزير التربية والتعليم مذكرة تعاون مع قوى الأمن الداخلي، متعهّدًا بـ”تسخير المدارس لخدمة الأجهزة الأمنية”، مع التأكيد على تركيب كاميرات مراقبة في الصفوف الدراسية. هذه الخطوات أثارت قلق المعلمين، الذين حذروا من تحويل المدارس إلى ساحات مراقبة أمنية، بدل أن تكون فضاءً للتفكير الحر.
تصريحات إيجه إي حول “استغلال الشيطان” للظروف، وإشارته إلى أن العائلات تواجه “مشكلات كبيرة”، تعكس أن ما يقلق النظام ليس القانون أو العدالة، بل الكلفة السياسية للقمع الجماعي، والخوف من أن يتحول كل شاب أو معلم إلى شرارة تمرد يصعب السيطرة عليها.
جيل متهم لأنه يفكر… ونظام مرعوب من الأفكار
التقارير الحقوقية تؤكد أن آلاف الشباب والمعلمين لا يزالون في السجون أو مصيرهم مجهول، فيما يواصل النظام حملاته الإعلامية ضد كل صوت معارض. في عام 2024، بثّت وسائل إعلام المقاومة آلاف الرسائل المصورة لشباب يطالبون بإسقاط النظام، ما يعكس اتساع دائرة الرفض الشعبي.
النظام اليوم يواجه تمردًا جيليًا لا يستطيع السيطرة عليه. في إيران، أن تكون شابًا يعني أن تُعامل كمشتبه به، وأن تفكر يعني أن تُضطهد. الخوف الحقيقي للسلطة لم يعد من أفعال الشباب، بل من أفكارهم، من قدرتهم على الحلم والتغيير، ومن إيمانهم بأن المستقبل يمكن أن يكون مختلفًا.
قمع بلا أفق… وصراع وجودي
اعتراف رئيس القضاء بعدد الملفات وحجم القمع يكشف عمق الأزمة البنيوية لنظام الملالي، الذي بات يرى في كل فكرة حرة تهديدًا لوجوده. ومع تزايد الضغوط الدولية ودعوات المنظمات الحقوقية للتحقيق في أوضاع السجون، يبدو أن النظام يواجه معركة خاسرة ضد جيل لن يقبل العيش في الظلام.