اخبار العالم

الدبلوماسية العمياء: كيف خدعت إيران العالم وواصلت مشروعها النووي؟

بقلم: تادي عواد

في كل مفاوضة نووية جديدة، يظهر النظام الإيراني مجددًا على حقيقته: لاعب مراوغ، لا يسعى لحلول، بل يشتري الوقت. ومن خلف ابتسامات الوفود الإيرانية في فيينا أو الدوحة، يدور سباق خطير مع الزمن، سباق هدفه الواضح: امتلاك القدرة النووية دون دفع ثمن سياسي أو عسكري حقيقي.

منذ عقود، وإيران تتّبع نفس الأسلوب: التصعيد، التفاوض، الاتفاق المؤقت، ثم الخرق المنهجي. وكل مرة، كان الغرب – بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – يُلدغ من الجحر ذاته. فالنظام الإيراني لم ينتصر يومًا في حرب مباشرة، لا في الخليج، ولا في سوريا، ولا حتى مع العراق، لكنه دائمًا ما يخرج من المفاوضات بصفقات مجزية، يراكم فيها النفوذ والقدرات.

اليوم، بدعم روسي-صيني مكشوف، تشعر طهران بثقة. فموسكو الغارقة في عزلتها الدولية، وبكين الباحثة عن أوراق ضغط في صراعها مع الغرب، توفران لنظام الملالي غطاءً سياسيًا واستراتيجيًا يسمح له بتجاهل الإنذارات، والانكفاء على تسريع برنامجه النووي.

وفيما يعلو الحديث عن إحياء مفاوضات جديدة، فإن الواقع على الأرض أكثر خطورة. فإيران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60%، وتضاعف أعداد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وتمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول الكامل إلى منشآتها. ومع كل يوم يضيع في التفاوض، تزداد قدرتها على التملّص من الضربة الحاسمة.

إن السياسة الغربية القائمة على تأجيل المواجهة أملاً في احتواء النظام الإيراني، أثبتت فشلها الذريع. فالاتفاقيات المرحلية، والعقوبات المتقطعة، والتصريحات الدبلوماسية الناعمة، لم تنجح إلا في شيء واحد: منح إيران وقتًا ثمينًا لتقوية ترسانتها وتحصين برنامجها النووي.

اليوم، لم يعد أمام المجتمع الدولي ترف الوقت ولا خيار أنصاف الحلول. استمرار التفاوض دون سقف زمني واضح، ودون أدوات ردع جدية، هو بمثابة موافقة ضمنية على تسلّح إيران نوويًا. ومجرد التفكير في “صفقة جديدة” دون تفكيك كامل للبنية النووية الإيرانية هو مقامرة بأمن الشرق الأوسط والعالم.

لقد حان الوقت للانتقال من مرحلة الاحتواء إلى الحسم. فالتهديد الإيراني ليس مجرّد برنامج نووي، بل منظومة توسعية قائمة على الابتزاز والتصعيد. ولإيقاف هذه المنظومة، لا بد من تحييد قدرتها الاستراتيجية بشكل كامل، قبل أن يصبح ثمن المواجهة غير محتمل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى