اخبار العالم

من سيخلف البابا فرنسيس؟ سباق محموم داخل أروقة الفاتيكان لاختيار الحبر الأعظم الجديد

بقلم تادي عواد

بعد وفاة البابا فرنسيس في 21 أبريل 2025، بدأت واحدة من أكثر المحطات حساسية في حياة الكنيسة الكاثوليكية: التحضير لاجتماع المجمع المغلق (الكونكلاف) لاختيار البابا الجديد. ومع أن هذا الحدث يتكرر تاريخيًا منذ قرون، إلا أن السياق العالمي، والتحديات الداخلية، والانقسامات اللاهوتية الحالية، تجعل من كونكلاف 2025 لحظة مصيرية.

سيجتمع 135 كاردينالاً دون سن الثمانين داخل جدران كنيسة سيستين في الفاتيكان مطلع مايو المقبل، بعيدًا عن الإعلام والتأثيرات الخارجية، ليختاروا البابا الذي سيقود الكنيسة التي تضم أكثر من 1.3 مليار مؤمن حول العالم.

في هذا السياق، تبرز مجموعة من الأسماء التي تشكل خريطة متوازنة بين التوجهات الإصلاحية والمحافظة، وبين التمثيل الجغرافي المتنوع للقارات الخمس. وفي ما يلي عرض لأبرز المرشحين وصفاتهم:

1. الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي (الفلبين)

يوصف بأنه “فرانسيس الآسيوي”، ويُعتبر من رموز التيار الليبرالي داخل الكنيسة. يشغل تاغلي منصب رئيس مجمع التبشير، ويُعرف بتواضعه وابتسامته الدائمة ودعمه للفقراء والمهمشين. يتمسك بتعاليم الكنيسة التقليدية، لكنه يدعو إلى مقاربة رعوية مرنة تجاه قضايا مثل الطلاق والمثلية الجنسية. انتخابه سيشكل لحظة رمزية لآسيا ويعزز التوجه نحو كنيسة أكثر شمولية.

2. الكاردينال بييترو بارولين (إيطاليا)

أمين سر دولة الفاتيكان منذ عام 2013، وواحد من أبرز الشخصيات التي جمعت بين البُعد الروحي والحنكة الدبلوماسية. يُعتبر بارولين شخصية توافقية، تجمع بين احترام التقاليد والانفتاح المعتدل. يتمتع بعلاقات دولية واسعة وبقدرة على إدارة الملفات الشائكة، مما يجعله مرشحًا طبيعيًا لخلافة البابا فرنسيس من داخل المؤسسة الفاتيكانية.

3. الكاردينال ماتيو زوبي (إيطاليا)

رئيس أساقفة بولونيا ورئيس مؤتمر الأساقفة الإيطاليين. يُعرف بانفتاحه على الشباب والمهاجرين، وله خلفية قوية في مجال الحوار بين الأديان. يُعد من المقربين لنهج فرنسيس في التركيز على العدالة الاجتماعية. يتمتع بشعبية كبيرة في الأوساط الليبرالية داخل أوروبا، وقد يكون مفاجأة الكونكلاف القادم.

4. الكاردينال بيتر إردو (المجر)

رئيس أساقفة بودابست، ومرشح بارز للتيار المحافظ. يُعرف بتمسكه بالتقاليد الليتورجية، وبتحفظه على بعض الإصلاحات التي قادها البابا فرنسيس. يُمثل صوتًا واضحًا للمدرسة اللاهوتية الكلاسيكية، ويحظى بدعم عدد من الكرادلة الأوروبيين المتحفظين.

5. الكاردينال روبرت سارا (غينيا)

أحد أبرز رموز المدرسة المحافظة في الكنيسة الكاثوليكية. شغل سابقًا منصب رئيس مجمع العبادة الإلهية، وكان دائمًا صوتًا قويًا في مواجهة ما يعتبره “تراخيًا لاهوتيًا”. يدعو سارا إلى العودة للجذور الليتورجية والتقشف، ما يجعله خيارًا للكرادلة الذين يرغبون في تصحيح المسار الإصلاحي الحالي.

6. الكاردينال بيتر توركسون (غانا)

يُعتبر أول أفريقي شغل منصب رئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام، ويُعرف بمواقفه المناصرة للعدالة البيئية والاجتماعية. يُمثل الصوت المعتدل الليبرالي من أفريقيا، وقد يكون انتخابه رمزًا تاريخيًا للتنوع العرقي والجغرافي في الكنيسة، كما أنه يتمتع بقدرة على مخاطبة قضايا الشباب والتنمية المستدامة.

7. الكاردينال فريدولين أمبونغو (الكونغو الديمقراطية)

رئيس أساقفة كينشاسا، يتمتع بشخصية كاريزمية وله حضور قوي في أفريقيا جنوب الصحراء. يُعرف بانتقاده للفساد، ودعمه للمهمشين، ومواقفه الحاسمة في قضايا العدالة الاجتماعية. يشكل ترشيحه فرصة لمنح أفريقيا دورًا مركزيًا في مستقبل الكنيسة.

8. الكاردينال جان كلود هولريش (لوكسمبورغ)

يسوعي مثل البابا فرنسيس، ورئيس شبكة أساقفة الاتحاد الأوروبي. يؤمن بأهمية إدماج الكنيسة في تطورات المجتمع الحديث، ويدعو إلى مراجعات جريئة في قضايا مثل العلاقة مع المثليين والنساء في الكنيسة. يُعد من أبرز الأصوات الليبرالية في أوروبا الغربية.

9. الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (إيطاليا)

بطريرك القدس للاتين، وله خبرة طويلة في شؤون الشرق الأوسط. يُعرف بمواقفه الداعية للحوار بين الأديان، وخاصة مع الإسلام واليهودية، كما أنه مطلع على قضايا المسيحيين في المنطقة العربية. ترشيحه يُعزز فكرة الكنيسة الجامعة العابرة للحدود الثقافية والدينية.

سباق مفتوح وقرار تاريخي

رغم أن التنبؤ بنتيجة الكونكلاف عملية معقدة، فإن المراقبين يلمسون توازنًا دقيقًا بين تيارين: تيار محافظ يريد “عودة إلى الأصالة”، وتيار إصلاحي يطمح إلى كنيسة أكثر انفتاحًا وشمولاً. وبغض النظر عن الهوية الجغرافية أو العقائدية للبابا القادم، فإن الفاتيكان على أعتاب مرحلة جديدة، سيكون عنوانها إما الاستمرارية الهادئة أو التحول الجريء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى