تمرد الطائفة العلوية في سوريا: مخطط مدروس بغطاء مدني وانقلاب فاشل

منذ سقوط النظام، عملت الدولة على احتواء أبناء الطائفة العلوية، تمامًا كما فعلت مع بقية الطوائف، عبر العفو العام والتسويات الأمنية. لكن ما حدث لاحقًا كشف عن مخطط خطير لم يكن يهدف إلى التعايش، بل إلى التغلغل في مؤسسات الدولة والاستعداد لانقلاب مسلح.
من التسويات إلى التمرد
منذ اليوم الأول، فتحت الدولة أبواب التسوية، فحصل الضباط والجنود العلويون على أوراق رسمية تتيح لهم العودة إلى حياتهم الطبيعية. كما عقدت الدولة أكثر من 150 جلسة حوارية مع شيوخ الطائفة، ودعتهم إلى مؤتمر وطني للحوار، مطالبةً فقط بتسليم المطلوبين الخطرين حفاظًا على الأمن. لكن المفاجأة كانت في رفضهم القاطع وعدم تسليم مجرم واحد، رغم ترديدهم شعارات عن الوحدة الوطنية والتعايش السلمي.
بداية التمرد: خطة مُحكمة بغطاء مدني
لم يكن التمرد وليد لحظة غضب، بل كان عملية مُحكمة جرى الإعداد لها مسبقًا. بدأت القصة بخروج مظاهرات ضخمة من أبناء الطائفة، بذريعة مطالب تبدو في ظاهرها بسيطة وغير مقلقة. لكن فجأة، بدأ إطلاق النار على مركز المحافظة، تلاه بيان استنفار من شيوخ الطائفة العلوية، الذين قطعوا تواصلهم مع الدولة بشكل مفاجئ.
بعد ذلك، خرج المئات من المنازل – وليس من الجبال كما يُشاع – بأسلحة تكفي لخوض معركة طويلة، وبدأوا بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات الممنهجة بحق عناصر الأمن والجيش، وحتى المدنيين الموالين للدولة.
تكتيك التمرد: الحرب بوجهين
ما جعل هذا التمرد أكثر خطورة أنه لم يكن مواجهة عسكرية تقليدية، بل استغل المتمردون أوراق التسوية للتحرك بحرية داخل المدن. كانوا يقاتلون ليلاً بملابس مدنية وأقنعة، ثم يعودون صباحًا إلى الشوارع كمدنيين يحملون أوراقًا رسمية.
النتيجة؟
كمائن غادرة لعناصر الأمن وحرس المنشآت، أسفرت عن مقتل المئات.
هجمات على المشافي والبنوك وعمليات اغتيال مستمرة.
أسر أكثر من 200 عنصر من القوات الأمنية وتصفيتهم تدريجيًا.
كل ذلك جرى تحت غطاء مدني زائف، إذ لم يُعثر على أي متمرد مقتول بلباس عسكري، ما يعني أن الخطة كانت تعتمد بالكامل على “حرب المدن” بلباس مدني.
دور القوى الخارجية: خيوط التآمر
ما حدث لم يكن مجرد تمرد محلي، بل كان هناك تنسيق على أعلى مستوى مع شخصيات مرتبطة بالنظام السابق، من نائب ماهر الأسد إلى حزب الله وإيران، الذين دعموا هذه الفوضى بأدوات عسكرية ولوجستية. كان الحوار مع شيوخ الطائفة مجرد خدعة لكسب الوقت، بينما كانت خلاياهم تُعد لهذا الانفجار الأمني منذ أشهر.
اللحظة الحاسمة: فشل الانقلاب وبدء المفاوضات
بعد تصعيد عنيف، تكبد المتمردون خسائر فادحة، مما دفع شيوخ الطائفة إلى العودة للحوار والتفاوض مع الدولة. حتى باسل خطيب، الذي كان أحد وجوه التمرد، بدأ بالتراجع. لكن هل هذا التراجع دائم؟ أم مجرد استراحة قبل جولة جديدة من الغدر؟
الخاتمة: التهديد لا يزال قائمًا
إذا لم يتم التعامل مع هذا الملف بحزم، فإن ما حدث سيتكرر. فبعد شهرين أو ثلاثة، سيعود هؤلاء للظهور، ليقتلوا مئات الجنود، ويحرقوا المقرات، ثم يختفوا بين المدنيين. الحل ليس في الحوار، فقد استُنزف هذا الخيار. يجب نشر قوات كبيرة للدولة في مناطق الساحل بشكل دائم، مع إقامة نقاط تفتيش قوية، بالإضافة إلى حملات تفتيش واسعة لنزع السلاح، حتى الفردي منه، والتعامل بحزم مع المخالفين.
لا يوجد أمن بالتراضي… الأمن يُفرض بالقوة.