ترامب استفز العالم العربي، لكن الهدف في مكان آخر.

بقلم تادي عواد
الرئيس الأميركي ترامب لاعب غولف بارع، يجيد توجيه ضربات عنيفة في البداية. ومن المعروف أن لاعب الغولف يضرب الكرة بأقصى قوة في الضربة الأولى دون أن يكترث بإصابة الهدف مباشرة، إذ يُرجئ ذلك للضربات اللاحقة.
اليوم، يطبق ترامب النهج نفسه في السياسة. عندما يعلن عن نيته تهجير سكان غزة وبناء منتجعات سياحية هناك، فهو لا يضع خطة جاهزة للتنفيذ، بل يوجه ضربته الأولى بأقصى قوة، بينما تبقى الوجهة النهائية غير معروفة. هذه مجرد الضربة الافتتاحية، وعلى الجميع أن يترقب الضربة التالية، لأن المفاجآت الحقيقية لا تأتي إلا بعد أن يستقر الغبار.
أسلوب ترامب: الضرب بقوة ثم التفاوض
ما يفعله ترامب اليوم ليس جديدًا عليه، فقد استخدم هذا الأسلوب في ملفات عدة، أبرزها:
مع كندا: بدأ بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتجات الكندية، مما أثار أزمة كبرى. لكن النتيجة النهائية لم تكن حربًا تجارية، بل تفاهم بين الطرفين أدى إلى تشديد الرقابة على الحدود التي كانت كندا تتساهل فيها مع تهريب البضائع والأشخاص والممنوعات إلى الولايات المتحدة.
مع المكسيك: هدد بفرض ضرائب مجحفة على الواردات المكسيكية، مما دفع الحكومة المكسيكية إلى نشر 10,000 شرطي حدودي لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة. لم تكن الضرائب هي الهدف، بل إجبار المكسيك على تحمل مسؤولية أمن الحدود.
ماذا على العرب أن يفعلوا؟
عند التعامل مع ترامب، يجب على العرب أن يتجنبوا الانفعالات العاطفية والردود الارتجالية التي توقعهم في فخ لعبته. ما أعلنه حول غزة ليس سوى خطوة أولى، لكن لا أحد يعلم بعد أين ستكون الضربة التالية. ترامب لا يسعى إلى التصعيد لمجرد التصعيد، بل يخوض لعبة معقدة، غالبًا بهدف انتزاع تنازلات سياسية أو اقتصادية مقابل التراجع عن مواقفه المتطرفة.
فتحلّوا بالصبر والحكمة يا عرب.