احتجاز الرهائن لابتزاز الدول… أداة الإرهاب السياسي للنظام الإيراني
بقلم تادي عواد
ذكرت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية أن هناك مفاوضات جارية لتبادل الصحفية الإيطالية المختطفة في إيران، تشيتشيليا سالا، مع محمد عابديني نجفآبادي، المحتجز في ميلانو، وأن الحكومة الإيطالية تواصلت مع قادة الأحزاب المعارضة لمنع أي هجمات مباشرة على الجمهورية الإسلامية في “هذه المرحلة الحساسة”.
تم اعتقال سالا في طهران يوم 29 نوفمبر، ولكن الإعلان عن ذلك جاء يوم الجمعة 7 ديسمبر. وقد تمكنت السفيرة الإيطالية في طهران، بولا أمادي، من لقاء سالا في السجن.
أما عابديني نجفآبادي، فاعتُقل في 26 نوفمبر في مطار ميلانو، قادمًا من إسطنبول، وهو متهم من قبل وزارة العدل الأمريكية بتوفير تقنيات الطائرات المسيّرة للجمهورية الإسلامية.
تنديد دولي
شددت شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، على أن “احتجاز الرهائن وابتزازهم” هو تقليد قديم للجمهورية الإسلامية. وكتبت على إنستغرام: “إذا لم يحدث تغيير جوهري في تعامل الدول الغربية مع إيران، فلن تكون سالا آخر رهينة”.
الخبر يعكس أبعادًا متعددة تمتد من الدبلوماسية الدولية إلى القضايا الحقوقية، وتُبرز تداخل المصالح السياسية والإنسانية بين إيران والدول الأوروبية، وخاصة الإيطالية.
1. السياق السياسي والدبلوماسي
سياسة الرهائن الإيرانية
إيران استخدمت سياسة احتجاز الأجانب بدون أي مسوغ قانوني كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. هذه السياسة ليست جديدة، بل تمتد لعقود، وتؤكد تصريحات شيرين عبادي بأن احتجاز الرهائن أصبح “تقليدًا” للنظام الإيراني.
اعتقال سالا بعد ثلاثة أيام من اعتقال عابديني يعزز فرضية وجود ارتباط مباشر بين الحادثتين، مما يعني أن إيران قد تكون بصدد استخدامهما كرهائن للتفاوض.
ردود الفعل الإيطالية والدولية
إيطاليا، على الرغم من استيائها، تحاول اتباع نهج دبلوماسي متوازن، حيث تجنبت الهجوم المباشر على إيران.
التنسيق بين الحكومة الإيطالية والمعارضة يشير إلى إجماع سياسي على إدارة الأزمة بعيدًا عن المناكفات الداخلية، مما يعكس أهمية القضية للإيطاليين.
الطلبات الدولية للإفراج عن سالا تعكس اهتمامًا عالميًا بحرية الصحافة، ولكنها أيضًا تسلط الضوء على استغلال إيران لهذه القضايا لتحقيق مصالح سياسية.
2. الإدانة الدولية
المنظمات الحقوقية
تصريحات الاتحاد الدولي للصحفيين وشيرين عبادي تُبرز أبعاد القضية كجزء من نهج إيران في استخدام الرهائن كورقة مساومة. هذه السياسة تُدينها المنظمات الحقوقية الدولية كونها انتهاكًا لحقوق الإنسان.
3. الأبعاد الأمنية والاقتصادية
اتهامات محمد عابديني نجفآبادي
عابديني متهم بتزويد إيران بتقنيات الطائرات المسيّرة، وهو ما يعكس أهمية قضيته بالنسبة لإيران، حيث تسعى إلى الحفاظ على قدراتها التكنولوجية في ظل العقوبات الدولية.
استخدام إيران لهذه القضية كورقة ضغط يظهر استعدادها لمبادلة القضايا الأمنية بمكاسب سياسية.
4. التأثير على العلاقات الدولية
بين إيران وأوروبا
هذه الحادثة تزيد التوتر بين إيران والدول الأوروبية التي تواجه صعوبة في الموازنة بين الضغط على إيران والحفاظ على قنوات التواصل معها.
الاتصال بين الحكومة الإيطالية والمفوضية الأوروبية يظهر رغبة في التنسيق الدولي لإدارة الأزمة.
انعكاسات على الداخل الإيراني
الاهتمام الإعلامي الدولي يُضيف ضغطًا داخليًا على الحكومة الإيرانية التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية.
استمرار هذه السياسة قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية لإيران.
5. السيناريوهات المستقبلية
التوصل لتبادل
قد تضطر إيطاليا للموافقة على تبادل غير مباشر، مثل إطلاق سراح عابديني مقابل الإفراج عن سالا، مع ضمانات بعدم تكرار الحادثة.
تصعيد التوتر
إذا فشلت المفاوضات، قد تلجأ إيطاليا والاتحاد الأوروبي إلى تشديد الضغوط على إيران، سواء من خلال عقوبات جديدة أو إجراءات دبلوماسية.
استمرار إيران في سياسة احتجاز الرهائن
استمرار إيران في هذه السياسة سيزيد من عزلتها الدولية، بينما سيفرض على الدول الغربية تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه الحالات.
الخلاصة
إيران تستخدم احتجاز الأجانب كأداة للضغط السياسي، وهو أسلوب يعكس إرهابًا سياسيًا منظمًا يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية على حساب حقوق الإنسان. إيطاليا والدول الغربية تواجه تحديات في التعامل مع هذه السياسة، وسط تنسيق دبلوماسي يسعى إلى منع تفاقم الأزمة.