التقدم السريع للمعارضة السورية وتداعياته الاستراتيجية

بقلم تادي عواد
في الأيام الماضية، شهدت جبهات القتال في سوريا تطوراً ملحوظاً، حيث تمكنت قوات المعارضة من تحقيق تقدم سريع في مناطق استراتيجية مثل حلب وريفها. إن الانهيار السريع لقوات النظام السوري وسرعة تقدم المعارضة يظهر ما يلي:
1. الإخفاق الاستخباراتي للجيش السوري
يُلاحظ أن التقدم السريع للمعارضة في حلب يمكن أن يُعزى إلى إخفاق استخباراتي واضح من قبل الجيش السوري. في ظل وجود شبكة واسعة من المعلومات الاستخباراتية التي يعتمد عليها الجيش السوري وحلفاؤه، من المستغرب أن يتمكن مقاتلو المعارضة من تنفيذ هجوم بهذا الحجم دون أن يتم رصد تحركاتهم أو إحباط الهجوم مسبقاً. هذا يشير إلى ضعف التنسيق بين الوحدات الاستخباراتية السورية أو ضعف مستوى التجهيزات والمعدات المستخدمة لرصد تحركات العدو.
2. غياب الرصد الروسي
إن عدم قدرة القوات الروسية على رصد الهجوم الذي شنته المعارضة على حلب يعد مفاجئًا بشكل خاص، بالنظر إلى دور روسيا البارز في دعم النظام السوري في مجالات الاستخبارات والمراقبة الجوية. هذا الإخفاق يعكس ضعف التنسيق بين القوات الروسية والنظام السوري، وقد يكون نتيجة لتقليص حجم التغطية الجوية أو الإشكالات الفنية في أنظمة الرصد.
3. أسلوب الهجوم وامتلاك المعارضة لمعلومات استخباراتية
أسلوب الهجوم المنظم والدقيق الذي اتبعه مقاتلو المعارضة يشير إلى أن لديهم معلومات استخباراتية عن نقاط ضعف الدفاعات السورية في حلب. يمكن أن يكون هذا ناجمًا عن تسريبات أو عمليات تجنيد للمصادر داخل النظام السوري أو استخدام تقنيات حديثة للمراقبة والاختراق المعلوماتي. المعلومات التي تحصل عليها المعارضة عن تكتيكات الدفاع ومواضع القوات تعد عاملاً مهماً في هذا التقدم.
4. إيران وحرب طائفية
رغم الضغوط العسكرية على ميليشيات إيران، إلا أن طهران تسعى بكل قوة لدفع الوضع نحو حرب طائفية من خلال الدفع بقوات جديدة مثل ميليشيات “كتائب الإمام علي” العراقية إلى جبهات حلب. هذا يعكس محاولة إيران للتمسك بمكتسباتها الإستراتيجية في سوريا، وتوسيع دائرة الصراع الطائفي لتعزيز تحالفاتها الشيعية في المنطقة.
5. الدعم الإقليمي والدولي لقوات المعارضة
إن الدعم الكبير الذي تتلقاه قوات المعارضة في إدلب يعد أحد العوامل الرئيسية التي مكّنتها من تحقيق هذا التقدم. التنسيق مع قوى إقليمية ودولية مثل تركيا، والدعم اللوجستي والعسكري من التحالفات الإقليمية، يوفر لقوات المعارضة القدرة على التوسع في مناطق جديدة مثل حلب. هذا الدعم قد يشمل تجهيزات متقدمة مثل الأسلحة المضادة للدروع والطائرات من دون طيار، مما يعزز قدرة المعارضة على تنفيذ هجمات مركزة ضد الأهداف الاستراتيجية.
6. التوجه الاستراتيجي: معركة معرة النعمان
يبدو أن التقدم العسكري في حلب يمثل خطوة أولى في خطة أكبر تهدف إلى السيطرة على معرة النعمان واللطامنة وبعدها حمص وحماة ودير الزور ، وقطع خطوط الإمداد الإيرانية إلى الداخل السوري. إذا نجحت المعارضة في تحقيق هذا الهدف، فسيؤدي ذلك إلى تقليص قدرة إيران على إرسال الدعم اللوجستي للمقاتلين الشيعة المنتشرين في عدة جبهات داخل سوريا وصولا إلى لبنان.
تحتاج المعارضة إلى الحفاظ على تنسيق استراتيجي محكم مع القوى الإقليمية والدولية لتوسيع نطاق العمليات العسكرية، خاصة في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية مثل حلب ومعرة النعمان.
مع تزايد الدعم الدولي للمعارضة، قد نشهد موجة جديدة من الهجمات تهدف إلى قطع الإمدادات الإيرانية وإضعاف وجودها في سوريا، مما قد يؤثر بشكل كبير على المشهد العسكري والسياسي في المستقبل القريب.