تحليل اغتيال محسن فخري زاده
حدث اغتيال في ايران بالقرب من العاصمة طهران في السابع والعشرين من تشرين الأول عام 2020 صباح نهار الجمعة استهدف خلاله العالم الإيراني النووي محسن فخري زاده
قبل البدء بتحليل العملية دعونا نلقي نظرة شاملة على الاحداث العالمية واذا كان هناك من علاقة لها في عملية الاغتيال.
على الصعيد الإيراني من المعروف ان البرنامج النووي الإيراني لا يزال يعمل بأقصى قدرته الإنتاجية من بعد فسخ الاتفاق النووي الإيراني مع وصول الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى سدة الرئاسة .
أما على الصعيد الأميركي فأن التوقيت الذي حصلت فيه العملية كان هناك من تسلم وتسليم في سدة الرئاسة. ومن كان له ورقة يستطيع استعمالها الا ينفذها قبل المغادرة ؟ خاصة من التخوف من الرئيس الديمقراطي بإعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني.
إسرائيليا” تم تسجيل مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو يذكر فيه اسم العالم النووي وقال في نهاية مؤتمره للصحافيين تذكروا هذا الاسم جيدا”.
في ساحة الجريمة:
بعد التحقيقات الأولية تم اكتشاف مواد اسرائلية من السلاح المستخدم في عملية الاغتيال بحسب ما ذكرت مراجع إيرانية (وكالة أنباء فارس). ثم أعلنت المخابرات الإيرانية انها كانت على علم بتحضير لعملية اغتيال . ولكن ما انجح العملية هو الأسلوب الجديد المبتكر بتقنيات عالية جدا” لأول مرة تستخدم في هذا الشكل. فلنلقي نظرة ميدانية على تفاصيل تنفيذ الجريمة.
إن السيارة المضادة للرصاص التي كانت تقل فخري زاده وزوجته، توجهت مع 3 سيارات من فريق الحماية من مدينة رستمكلاي بمحافظة مازندران، نحو مدينة أبسرد بمنطقة دماوند، أن السيارة التي كانت تقود فريق الحماية انفصلت عن الموكب على بعد بضعة كيلومترات من موقع الحادث، بهدف التحقق ورصد أي حركة مشبوهة في المكان المحدد في مدينة أبسرد. وفي تلك اللحظة، تسبب صوت بضع رصاصات استهدفت السيارة في لفت انتباه فخري زاده الذي أوقف سيارته وخرج منها معتقدا أن الصوت ناتج عن اصطدام بعائق خارجي أو مشكلة في محرك السيارة. في هذه اللحظة قام مدفع رشاش آلي يجري التحكم به من بعد منصوب على سيارة نيسان شاحنه صغيرة كانت متوقفة على بعد 150 مترا من سيارة زاده بإطلاق وابل من الرصاص عليه، فأصابته رصاصتان في خاصرته وعيار ناري في ظهره مما أدى إلى مقتله. فقفز رئيس فريق الحماية ليحمي جسد فخري زاده من الرصاص فأصابته عدة رصاصات قبل أن يتم تفجير السيارة التي كانت تحمل المدفع الرشاش مصدر إطلاق النار.
في التحليل: ان عدنا الى تاريخ الاغتيالات في ايران خاصة لعلماء الذرة التي حدثت بين عامي 2010 و2012 نلاحظ انها توقفت بعد مجيئ الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي اتى وقتها بالاتفاق النووي بين عدة دول الذي قيّد، على الورق، أنشطة طهران النووية. في الماضي، لجأت إسرائيل إلى معارضين إيرانيين للنظام الإسلامي تلقوا تدريباً خاصاً لتنفيذ أعمالها الصعبة في إيران. ونظراً إلى الاحترافية والتعقيد اللذين اتسمت بهما الحادثة الأخيرة، من المرجح إلى حدّ كبير أن يكون أفراد إسرائيليون فعليون قد شاركوا في تنفيذها. وفي الداخل الإيراني، سيعمّ الغضب، ولا مفر من حملة قمع أمنية.
الدبلوماسية الايرانية العلنية حاولت أن تأكد بأن أبحاثها النووية هي لأغراض سلمية، وهنا كان خطأها لأنها فتحت بابها السري وسمحت لمفتشي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بإجراء مقابلة مع فخري زاده. ونتيجةً ذلك، عُرف من هو الرأس المدبر لبرنامج ايران النووي وبعدها تعرّض زاده لعقوبات بموجب قرارات “مجلس الأمن الدولي” ومُنع من السفر الدولي. كما تمّ تجميد أصوله، فيما إذا كانت لديه في الخارج.
وربما سنكتشف بعد اغتياله المزيد من المعلومات عنه.لا يقلّ اغتيال فخري زاده أهمية عن عملية اغتيال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني الذي تولى تنسيق أنشطة طهران
في عمليات الرد: بعد اغتيال قاسم سليماني لم ترد حتى الان ايران على مقتله وبسبب ذلك نعتقد ان السياسة الحالية المتبعة انه لن يكون هناك عملية رد قريبة لا على إسرائيل ولا على المصالح الأميركية في المنطقة.
بقلم الباحث في العلاقات الدولية الأستاذ شادي الياس