مهدي كروبي يكشف فساد المؤسسات التابعة لخامنئي والثراء الفاحش للمشرفين عليها
طالب أبرز رموز المعارضة والحركة الإصلاحية في إيران، مهدي كروبي الأحد، مجلس خبراء القيادة بفتح تحقيق حول المؤسسات الاقتصادية والعسكرية المرتبطة بمرشد الثورة علي خامنئي، في رسالة تمرد غير مسبوقة تعكس الامتعاض الشعبي من فساد المؤسسات التابعة للمرشد والثراء الفاحش للمشرفين عليها في وقت تعاني فيه البلاد من انهيار اقتصادي يتفاقم تدريجيا مع اقتراب موعد دخول العقوبات الأميركية على طهران حيز التنفيذ في نوفمبر المقبل.
واتهم كروبي، الخاضع للإقامة الجبرية، في رسالة بعثها إلى مجلس خبراء القيادة، المجلس بعدم القيام بمسؤولياته المتعلقة بمراقبة المرشد والأنشطة المرتبطة به، في تحول لافت للمعارضة الإيرانية التي دأبت على انتقاد سياسات رئيس الجمهورية واستثناء المرشد من كل نقد.
وأضاف “لو أن مجلس الخبراء قام بممارسة مهامه الأساسية؛ لتساءل على الأقل عن نجاعة استراتيجية القائد خامنئي التي أوصلت البلاد إلى هذه الحالة المتردية على مدى السنوات الثلاثين الماضية”.
وشدد كروبي في رسالته، على ضرورة فتح تحقيقات بخصوص المؤسسات الاقتصادية والعسكرية المرتبطة بخامنئي، محملًا الأخير مسؤولية “الحالة المتردية التي يعيشها الشعب الإيراني”.
وأكّد كروبي على أن عدم وفاء مجلس الخبراء بمسؤولياته المتعلقة بمراقبة الحرس الثوري، وقوات ميليشيا الباسيج والقضاء ومؤسسة الراديو والتلفزيون وبعض المؤسسات الاقتصادية، تسبب بأضرار بالغة للشعب الإيراني. و انتقد المعارض الإيراني، عدم فتح تحقيقات مع القادة العسكريين الذين يقومون بالتدخل في شؤون السياسة الداخلية والخارجية والمتورطين في صفقات بيع نفط، مشددًا على وقوع خروقات دستورية.
وكروبي (80 عاما) رجل دين شيعي، خاض مع الإصلاحي مير حسين موسوي انتخابات 2009 وأصبحا رمزين للإيرانيين الذين نظموا احتجاجات حاشدة بعد إعادة الرئيس محمود أحمدي نجاد المتشدد للسلطة في انتخابات يعتقدون إنها زورت.
ووضعت السلطات كروبي وموسوي وزهرة رهنورد زوجة موسوي قيد الإقامة الجبرية منذ 2011 دون محاكمة بأمر مباشر من خامنئي.
والزعيم الأعلى هو رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية وهو الذي يعين رؤساء الهيئة القضائية، فيما يتم اختيار الوزراء الرئيسيين بعد موافقته عليهم وهو صاحب القول الفصل في شؤون السياسة الخارجية والبرنامج النووي، فيما تعتبر سلطات الرئيس محدودة.
وكثيرا ما يلقي المرشد الإيراني باللوم على حكومات بلاده في عدم تحقيق تقدم للحد من معدلات البطالة المرتفعة والتضخم وعدم المساواة، كما يلقي اللوم كذلك على أعضاء في البرلمان والرؤساء السابقين وقوى غربية.
وازدادت الضغوط ضد أحمدي نجاد ومقربيه منذ أن خالف توصية المرشد بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة الماضية، لمنع حدوث حالة “استقطاب” في البلاد، ما أدى لرفض مجلس صيانة الدستور الخاضع لهيمنة خامنئي، ترشيح الرئيس السابق ومعاونه بحجة “عدم أهليتهما لخوض الانتخابات الرئاسية”. وحذر الرئيس الإيراني السابق في رسالة غير مسبوقة، بعثها إلى المرشد من أن استياء الشعب من إدارة الدولة بلغ ذروته، في خطوة رأى فيها محللون استشعارا لموجة احتجاجات عارمة جديدة قد لا ينجح النظام في ترويضها كما فعل ما سابقتها.وكان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قد هاجم، في وقت سابق، أداء السلطة القضائية في بلاده، بسبب الحكم بسجن مساعده السابق حميد رضا بقائي 63 عاما بعد مخالفته أوامر المرشد بعدم الترشح للانتخابات.
وقال نجاد في رسالته “لقد بلغ استياء الشعب الإيراني من إدارة الدولة ذروته، ويمس هذا الانزعاج أساسيات الثورة “، متهما السلطات القضائية والأمنية بظلم الشعب.
ويعيش النظام الإيراني أزمة سياسية عميقة، داخل أجنحته المتصارعة، إلى جانب الأزمة الاجتماعية الخانقة التي دفعت بالشعب إلى المطالبة بإسقاط النظام، ما دفع برموز القيادات المحافظة، التي كانت في وقت ما مقربة من المرشد الإيراني، إلى الانتفاضة ضد أساليب إدارته لشؤون الحكم، بالدعوة إلى رفع اليّد عن الانتخابات المقبلة، التي يشكك الكثيرون في نزاهتها.
ودأب النظام في طهران على إقصاء منتقديه ومعارضيه عبر رفض ترشيحاتهم ووضعهم رهن الإقامة الجبرية، وهو ما حذّر منه باكرا الرئيس السابق نجاد، في خطوة يرى فيها متابعون أنها غير كافية، ما لم تتبع بتحركات احتجاجية، للحيلولة دون ذلك.
وكشفت الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي شهدتها العشرات من المحافظات الإيرانية تصدع أعمدة النظام في طهران، ما دفع الرئيس الإصلاحي حسن روحاني إلى استحضار سيناريو سقوط الشاه محمد رضا بهلوي، بعد توفر جميع مؤشرات استنساخ السيناريو مرة أخرى. وفي خطوة استباقية لقمع تصاعد موجة الاحتجاجات الاجتماعية، أعلن رئيس قوات الباسيج العميد غلام حسين غيب برور السبت، عن بدء المرحلة الأولى من تعبئة أمنية ” شعبية” بهدف تعزيز الأمن الداخلي في جميع أرجاء البلاد.
وتأتي هذه الخطوة، حسب محللين، تحسبا لاندلاع موجة احتجاجات اجتماعية قد تعصف بأركان النظام مع دنو موعد الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية على طهران والتي تعتبر الأقسى.
ومن المرجح أن تكون وطأة العقوبات قاسية على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه بالأساس صعوبات أثارت في الأيام الأخيرة موجة احتجاجات اجتماعية ضد معدل بطالة مرتفع وتضخم شديد، فيما تدهور الريال الإيراني فخسر حوالي ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.
صحيفة العرب