تقرير رسمي: الإخوان يديرون عصابات داخل السجون البريطانية
كشف تقرير لوزارة العدل البريطانية عن ضلوع عصابات مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين في أعمال عنف وسط السجون ذات الحراسة المشددة، لإجبار النزلاء على اعتناق الإسلام.
وذكر التقرير أن العصابات تنشط تحت غطاء الدين، وتخضع لهيكل تنظيمي هرمي يشمل قادة ومجندين ومنفذين وأتباعا. وأكد سجين غير مسلم وجود ضغط يفرضه هؤلاء الأفراد على المساجين لتحويلهم إلى الإسلام وضمهم إلى العصابة.
ويستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع 83 سجينا و73 موظفا في سلك السجون. وتنتمي المجموعات المستجوبة إلى ثلاثة من السجون الثمانية الأكثر تشددا في إجراءاتها الأمنية في إنكلترا.
وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن المشرفين على التقرير وجدوا مجموعة داخل السجون على درجة من الأهمية وصفت بالمنظمة والمرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين، تقوم بجمع السجناء الذين التجأوا إلى الدين كوسيلة لتغيير مسار حياتهم والتعامل مع ظروف السجن.
وقال الأمين العام لرابطة ضباط السجون، ستيف جيلان “لقد حذرنا من نمو ثقافة العصابات منذ فترة طويلة، سواء كان ذلك في صفوف الإخوان المسلمين أو غيرهم من الجماعات المشابهة”.
واعتبر جيلان التقرير، الذي يظهر انتشار العصابات داخل السجون ذات الحراسة المشددة، أمرا مرعبا ويثير المزيد من القلق.
وشرح تقرير وزارة العدل البريطانية عن تفاصيل ممارسات العصابات بالقول “يكمن تكتيكها في إقامة علاقات ودية تحمل طابع الصداقة مع السجناء الجدد. إذا لم تنجح في مبتغاها الرئيسي، فسوف تبدأ في نشر الإشاعات عنهم. وتصل الإشاعات إلى حد اتهام الشخص المعني بنقل أخبار المساجين الآخرين إلى الحراس، وبذلك تشوه العصابة صورة السجين حتى ينبذ، ثم يبدأ الاعتداء الجسدي عليه”.
وأقرّ أعضاء العصابة للمشرفين على التقرير أن قوتهم الممتدة على عدد من الفروع الأخرى تنشر الخوف بين المساجين الآخرين.
وقال أحد المنضوين إلى هذه العصابات “إن المساجين الذين يرفضون التعامل معهم يعلمون أنهم لا يستطيعون التحول سوى إلى ثلاثة سجون أخرى. ويعلمون كذلك أن الإخوة ينتظرونهم هناك لطعنهم”.
وغالبا ما يشغل الإرهابيون أدوارا مهمة في العصابات، ويفرضون قواعد مثل ارتداء ملابس داخلية في الحمام ويحظرون الطهي بلحم الخنزير.
وتفضّل العصابات السجناء الذين يستطيعون التحدث باللغة العربية أو الذين يحفظون مقاطع من القرآن وتمنحهم رتبا عالية، بينما تعتدي ضربا على المساجين الآخرين لإجبارهم على اعتناق الإسلام والانضمام إليهم.
ورجح التقرير أن يكون قادة العصابات هم المحرضون على جل أعمال العنف المسجلة في تلك السجون، لكنهم أبقوا أنفسهم بعيدا عن الأضواء من خلال إصدار أوامرهم للمنفذين الذين لا يترددون في طاعتهم.
ويعتقد كذلك أن أعضاء العصابة هم المسيطرون على تهريب الممنوعات مثل الهواتف المحمولة والمخدرات. ويقال إنهم يجنون أموالهم من خلال “الضرائب” المفروضة على النزلاء.
وواجه السجناء الذين حاولوا ترك العصابات تهما عوقبوا عليها، وكان أخطرها الاتهام بالردّة وترك الإسلام. وقال أحد السجناء “إذا قلت إنني لا أريد أن أكون مسلما، فسوف أحتاج إلى العيش في حذر دائم وخوف من أن يطعنني أحدهم”.
وسجلت إحصائية شملت سجون إنكلترا وويلز وجود 13008 سجناء مسلمين حتى نهاية شهر مارس، أي حوالي 15 بالمئة من إجمالي عدد السجناء. وقبع 175 سجينا مسلما في السجون البريطانية في نهاية عام 2018، بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية مرتبطة بالتطرف الإسلامي.
وفي بعض السجون ذات الحراسة المشددة، كانت نسبة السجناء المسلمين أعلى، حيث سجّل “وايت مور” بمقاطعة كامبريدج شاير 42 بالمئة من المسلمين في صفوف سجنائه في مارس، وسجّل “لونغ لارتن” في ورسيسترشاير 31 بالمئة. وأنشئت ثلاثة “سجون داخل السجون”، والمعروفة باسم سجون الجهاديين، لإيواء ما يصل إلى 28 سجينا من المتشددين الأكثر خطورة.
وعبرت متحدثة باسم مصلحة السجون البريطانية في تصريح لصحيفة التايمز عن التزام السلطات بمعالجة هذا السلوك الذي يكشف عنه التقرير. وقالت “ندرّب الموظفين على التمييز بين غالبية السجناء الذين يمارسون شعائرهم الدينية لأهداف روحانية، والأقلية الصغيرة التي تسيء استخدام الدين وتوظفه كقناع لجرائمها”.
ويتخذ الإخوان المسلمون من لندن عاصمة لهم يديرون من خلالها أعمالهم وتتركز فيها شبكاتهم الإعلامية والمالية، ضمن أجندة تستهدف أمن دول عربية غير حليفة. كما تستهدف أيضا عمق الدولة البريطانية، والمجتمعات الغربية، على المدى الطويل.
وتمول مثل هذه الجمعيات مراكز لتدريب الأئمة ومراكز دينية ومساجد تحت إشراف الإخوان. وأنشأت جماعة الإخوان هياكل واسعة لها داخل المملكة المتحدة، وبادرت بجمع الأموال وتنظيم الفعاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية والقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون أمر سنة 2014 بإجراء تحقيق بشأن أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا.
وخلص التحقيق الذي قام به السير جون جينكينز سفير بريطانيا السابق في الرياض، بعد حوالي 20 شهرا من البحث والمتابعة ومراجعة حسابات الجمعيات الخيرية في بريطانيا، إلى أن “الانتماء إلى الإخوان المسلمين بداية الطريق نحو التطرف” وأن “الجمعيات الخيرية والمراكز التعليمية من أبرز المؤسسات التي يستفيد منها الإخوان في تمويل أجنداتهم ونشر أفكارهم”.
وسبق وأن اعتبر العقيد تيم كولينز، مدير منظمة نيو سنشري لمكافحة الإرهاب الذي قاد عمليات القوات البريطانية الخاصة في جميع أنحاء العالم، أن بريطانيا عانت من تقويض جماعة الإخوان المسلمين لبرامج التفاهم الاجتماعي مثل برنامج بريفنت لمحاربة التطرف.
وقال كولينز في مداخلة له في مجلس العموم البريطاني إن شبكات معقدة من المتشددين دينيا تنشط في أوروبا وخصوصا في بريطانيا.
وطرح نفس التساؤل ستيفن ميرلي، محقق وباحث ومحلل استخبارات يتمتع بخبرة 25 عاما في مجال التحقيق في الشبكات المعقدة والسرية للأفراد والشركات والمؤسسات، بشأن الأجندة الإخوانية التي تشكل تهديدا لبريطانيا، حيث يحاول الإخوان اختراق مؤسسات أوروبية ليفرضوا نفوذهم داخل المجتمع الأوروبي.
ولفت ميرلي إلى أن الإخوان تنظيم مائع الشكل والتراتبية ليس له رأس محدد وفروع واضحة، مضيفا أن فروع الإخوان لا تتلقى تعليمات مركزية بمقدار ما هي شبكة أفقية تتحرك ضمن توجهات وتوجيهات عامة تحددها التطورات والمتغيرات.
صحيفة العرب