تعرفوا على رييع الزين ومجموعته التي هدفت لضرب طرابلس وتدمير ثورتها
جنى الدهيبي – المدن
المتورطون في أحداث طرابلس: من وراء مخطط ربيع الزين؟
أحيتْ ليلة الثلاثاء في طرابلس ذاكرة بشعة عادت بها إلى الوراء، إثر وقوع أبناء المدينة في مصيدة ملثمين و”غرباء” وقطّاع طرق، أشعلوا نار الفتنة بتصادمهم المباشر مع الجيش اللبناني، وأمضوا ليلتهم معه حتّى الفجر، كرًّا وفرًا واعتداءًا سافرًا، برشقه بالحجارة ورمي قنابل المولوتوف. وبعد ليلةٍ قاسيةً ودامية نتج عنها إسعاف 110 إصابة في المستشفى الميداني، ودفعت الجيش إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع، استيقظت ساحة النور ومتفرعاتها صباح الأربعاء على حالةٍ من الخراب والدمار، بعد أن قامت هذه المجموعة المخربة المؤلف من نحو 100 شخص بالاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وتدمير واجهات المحلات والمصارف وحرق ماكينات الصراف الآلي.
شلة ربيع الزين
“فيلم الرعب” في هذه الليلة التي كانت تمرّ بسلمية وسلامٍ قبل أن ينقلب حالها رأسًا على عقب في لحظةٍ جنونية، بدأ تزامنًا مع أحداث الشغب التي افتعلها مناصرو الأحزاب في عددٍ من المناطق اللبنانية. فجأة، ظهرت مجموعة من المجهولين ركبوا مئات الدرجات النارية وجابوا شوارع المدينة بغضبٍ واستنفار، ثمّ توجهوا إلى مكتب التيار الوطني الحرّ في شارع الجميزات، وهو مكتب شبه مهجور، وقاموا بوضع قنبلةٍ من أجل تفجيره فتصدّى لهم الجيش، ثمّ تحولت الساحات إلى حلبةٍ لمواجهات متفلتةٍ من أيّ ضوابط.
وعلى وقع الكرّ والفرّ وأصوات القنابل والرصاص والدراجات النارية، هرع أهل المدينة الذين كانوا يتظاهرون بسلمية إلى بيوتهم، وأفرغوا الساحة للمجهولين الذين أرادوا إحداث فتنةٍ داميةٍ بينهم وبين الجيش. وطوال الليل، تحولت صفحات التواصل الاجتماعي والمجموعات الإخبارية إلى مساحةٍ لنقل المعركة افتراضيًا، عبر الصور والفيديوهات، وكان السؤال الجوهري: من يسعي لإيقاع الفتنة في طرابلس؟ من يريد زجّ المدينة في مواجهة مع الجيش وهي أمضت 40 يومًا تهتف له في الساحات؟ من يريد حرق لقب “عروس الثورة” وإعادتها إلى مدينة منكوبةً بالدماء ووصمها ظُلمًا بالإرهاب؟
وبينما أمضى أهل طرابلس هذه الليلة وهم يتحسسون الخطر والمؤامرة التي تُحاك ضدّهم بشماعة الثورة، تجرأوا لأول مرّة منذ 17 تشرين الأول أن يسموا الأشياء بأسمائها أمام الملأ، خارج الصالونات وزواريب الساحات، فتصدّر اسم ربيع الزين الواجهة وهو قائد مجموعة “ثورة المحرومين” وحاشيتها المشبوهة.
من طرابلس إلى عين الرمانة؟!
لم يفهم أهالي طرابلس هذا العنف أمام مكتب التيار، والاصرار على تفجيره واقتحامه من قبل مجموعة مجهولة، كانت تثير الفتن والتهديدات والتحريض بالفيديوهات والتسجيلات الصوتية. بدأ الجميع يحمّل ربيع الزين وأزلامه بمن فيهم صاحب لقب “أبو سمير” مسؤولية ما حصل، وساق إلى افتعال حادثٍ مع الجيش اللبناني.
قبل أن تبلغ مواجهة المجموعة المجهولة ذروتها مع الجيش، نشر “أبو سمير” فيديو على صفحته فايسبوك، يطلق فيه التهديدات للتيار الوطني الوطني الحرّ، ثمّ عاد وحذفه بعد أن اشتدت الأمور، لكننا حصلنا عليه من جديد، وهو يهدد التيار، ويعطيه مهلة ساعة للابتعاد عن المتظاهرين في بعبدا، وإنّ لم يلتزم بالمهلة سيقوم باقتحام مكتبه في طرابلس (وهو فارغ أصلًا). وأبو سمير، هو الشاب ابراهيم مصطفى، سبق أن اعلن “انشقاقه” عن “ثورة المحرومين”، لكنه استمر بالولاء والتبعية الكاملة لربيع الزين، وانتشرت صور تجمعهما مع النائب السابق في التيار الوطني الحرّ نبيل نقولا داخل مكتبه!
حاول ربيع أن يتنصل من المسؤولية في تحريض المجموعات المجهولة ضدّ الجيش، فوزّع تسجيلًا صوتيًا بدا مفتعلًا للغاية يقول فيه أنّه تعرض لمحاولة اغتيال والطعن بالسكين! لكنه سرعان ما هرب من طرابلس إلى بيروت في عين الرمانة، ونشر فيديو استفزازي مع مجموعة من أصدقائه، يستعرض فيها قوّته ويسخر أن يكون مطلوبًا ومتهمًا من الشمال حتّى بيروت.
لكن، من هو ربيع الزين؟
مع بداية الثورة، بدأ يتردد اسم قائد “ثورة المحرومين” ربيع الزين، الذي لا يدخل طرابلس إلا بالرنج الأسود نوع الكاديلاك، وبدأت الشبهات تلاحقه، حول السلطة التي يملكها في تطويع مئات الشباب تحت أمرته لقطع الطرقات وإشعال الإطارات المشتعلة، بسبب ومن دون سبب، وتحديدًا عند نقطة البالما وفي الشوارع الداخلية للمدينة. بعد أيام، تزايدت علامات الاستفهام حوله، نتيجة تسريب شائعات عن عمله كمخبرٍ لدى أحد الأجهزة الأمنية، بينما هو يستمرّ بنفي هذه الشبهة عنه.
قبل أسبوع، بدأت “المدن” تقوم بجمع المعلومات حوله من مصادر مختلفة، لا سيما أنّ الشبهات بدأت تلتصق به مع حاشيته لأسبابٍ سنقوم بشرحها. ربيع الزين البالغ 35 عامًا، هو من مواليد جويا في الجنوب، متمول كبير يعيش في بيروت ويعمل في مجال تعهد الحفلات الفنية، ولديه شركة تصوير ويقوم بتأجير bodyguards للملاهي الليلية. والدة ربيع من المنية، وهو يتردد إلى المدينة من سنوات عديدة، ودخل إليها من بوابة “المساعدات الخيرية”.
اليوم، وبينما كانت تبذل مجموعات كبيرة في طرابلس جهدها لفضح أمر ربيع الزين وكشف مخططه المشبوه، انتشرت له بطاقة لـ”رخصة حمل سلاح صفة خاصة” موقعة بختم وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف بتاريخ 1 تشرين الثاني 2017، ويحمل فيها صفة “مرجع عسكري”! فكيف يعني أن هناك ثائرًا وقائدًا للمحرومين لديه صفة “مرجع عسكري”؟ وما هي مهمته في الأصل غير افتعال المشاكل والفتن والفوضى وضرب الثورة رغم ادعاءاته بقيادتها؟
في الواقع، وبناءً على متابعة “المدن”، لا يمكن فصل قصّة ربيع الزين في الثورة مع مجموعة “ثورة المحرومين” عن قصّة “المنصة” التي اعتلت مبنى الغندور في وسط ساحة النور. فبعد يومين من اندلاع الانتفاضة الشعبية، بادرت مجموعة شباب من الإعلاميين والناشطين المعروفين في المدينة، وبشكلٍ عفوي، أن يصعدوا إلى مبنى الغندور ووضعوا صوتيات لإطلاق الهتافات الثورية، ثم ركبت فكرة المنصة. كان هؤلاء الشباب، يديرون تنظيم التظاهرات، والإطلاع على الكلمات قبل إلقائها منعًا لأي خطابٍ فتنوي يضرب الثورة في المدينة. عندها، بدأت تتوافد مجموعة “ثورة المحرومين” إلى المنصة وفرضت تمددها وسلطتها التشبيحية بقيادة ربيع الزين وإدارة مازن زيدان، وهو أيضًا رجل أعمال كان مغتربًا في الإمارات، إلى جانب أحمد ناجي فوال وأحمد عبيد وأبو سمير ومازن وأحمد باكيش، الذي أُطلقت في طرابلس حملة كبيرة ضدّه تحت شعار “لا يمثل الثورة ولا ساحة النور ولا طرابلس”، بسبب افتعاله للمشاكل وخطابه التحريضي والاستفزازي.
عمليات موثقة
وعندما لاحظت “ثورة المحرومين” أنّ المجموعة الشبابية تسعى لتنظيم التظاهرات في طرابلس بطريقة منظمة وحضارية، ووفق برنامج واضح، خارج إطار التحريض واطلاق الشتائم، حاولوا أكثر من ست مرات الاعتداء على المجموعة وهددوهم برمي مكبرات الصوت على الناس وافتعال المشاكل، إذا لم يسلموهم إدارة المنصة كاملة. بعد أيامٍ قليلة من 17 تشرين، استولت “ثورة المحرومين” على المنصة وبوابتها، وفرضوا سلطة مريبة على الناس، وفي كلّ مرّة كانوا يواجهون أحدًا بإشكالٍ نتيجة الغضب من سطوتهم غير المبررة، كان باكيش يردّ أنهم يلتقى دعمًا مباشرًا من أحدى “الأجهزة” ويسمي “داعميه” بالأسماء!
وعلى مدار 14 يومًا متواصلاً في استلام “ثورة المحرومين” للمنصة، تمادوا في محاولات إيقاع الفتنة التي تصدى لها الطرابلسيون بوعي كبير، لا سيما بعد أن حرضوا على المنصة أحد العسكرين لإعلان انشقاقه أمام المتظاهرين (بمشهدٍ غبي للغاية لم يمرّ عليهم) من أجل الإيحاء أن المدينة تقف ضدّ الجيش، وهم من جاءوا بأحد الغرباء الذي وقف على المنصة ذات يوم وشتم أمين عام حزب الله حسن نصرالله ثم نشروا الفيديو في الضاحية الجنوبية، وهم من قاموا بتحريض المتظاهرين ضدّ الجيش إثر حادثة البداوي من دون أن يكترثوا لهم.
عمليًا، كانت “ثورة المحرومين” تدير المنصة على “الريمونت كونترول” (المخابراتي)، وهي “تقاوم” صمود الطرابلسين ووعيهم لثورتهم بمحاولات شقّ صفوفهم. وكان ربيع الزين يأتي كلّ ليلة إلى المدينة، فتقول مجموعته “جاء القائد”، ويعتلي المنصة من أجل إعطاء “أمر اليوم” لقطاع الطرق العاملين لديه مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز 50 ألف ليرة لبنانية لكلّ واحد. وحسب معلومات “المدن”، كان ربيع الزين يقطع الطرقات ساعتين في كل نقطة، ويغلق بعض المؤسسات التجارية في المدينة، بينما يؤمن الحماية لبعض المحلات والمدارس التي تفتح أبوابها ويفرض عليها دفع الخوات له.
علامات استفهام
قبل أيام، تواصلت “المدن” مع الزين وسألته عن سبب قطعه للطرقات بمعزل عن مواقفة ورأي مجموعات أخرى من المتظاهرين، يجيب من دون وضوح: “على مدار ست سنوات بقيت أؤمن فواتير الدواء للناس ونزلت للتظاهر معهم لأجل الكهرباء في المنية، ولم أنزل بالباراشوت إلى طرابلس. أنا لست تابعًا لأحد لأنني ثائر وأفعل ما أراه مناسبًا مع المجموعة”.
تنفي جهات أمنية لـ”المدن” أن تكون داعمة لربيع الزين أو غيره. وإن كان هذا النفي لا يلغي حقيقة علامات استفهام كبيرة تحوم حول الرجل حامل صفة “مرجع عسكري” ومجموعته، بعد أن وصل بهم الأمر لزجّ طرابلس بمواجهة مع الجيش بهدف تخريب ثورتهم.
اليوم، نزل الطرابلسيون نساءً ورجالًا تحت المطر، ورفعوا العلم اللبناني، وهتفوا لثورتهم وللجيش اللبناني ردًّا على مخططات التخريب والفتنة. وحتّى الآن، لا تزال طرابلس تواجه هذه المحاولات الرخيصة بدرئها والقضاء عليها. لكن، هل يكفي ذلك من دون كشف حقيقة المخربين والمجهولين أصحاب العلاقات والأجندات المشبوهة؟