باسيل يتمكّن والحريري يمكّن..
“اللبنانية” – زهير فاضل
الطائفة السنّيّة كما سائر الطوائف انتفضت مرارًا تدافع عن قرارها، منذ أحداث العام 1958 (عندما جاء اختيار الرئيس كميل شمعون مرتكزًا على صدقيّة الرئيس الراحل سامي الصلح) ومرورًا بالرفض القاطع لحكومة الرئيس أمين الحافظ الذي كلّفه بتأليفها الرئيس سليمان فرنجيّة في العام 1973 ولم تُكتب لها الحياة.
إلى أن شاءت إرادة من خارج الطائفة السنيّة في العام 2011 إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وارتضى منافسه الرئيس نجيب ميقاتي بالحلول محلّه بإرادة من خارج المألوف.
واليوم نرى وزير الخارجيّة المارونيّ جبران باسيل الحريص على مارونيّته، يصول ويجول معبّرًا عن نقمة تيّاره ومناصريه على اتّفاق الطائف لأنّه سلخ امتيازات طائفته.
ألم يلاحظ الرئيس سعد الحريري أنّ أمانة والده الشهيد لا يجوز تعريضها لهذا الهوان؟
لقد سلّم الرئيس سعد الحريري أشرس الناقمين على أهل السنّة أمر تشكيل الحكومة العتيدة إلى حدّ مباهاة باسيل بعبارة “الأمر لي” في التأنيب على الاستقالة، واستباحة قراري التكليف والتأليف، وربّما تسيير شؤون الدولة لاحقًا.
في الوقت نفسه يتعاون سعد الحريري على منع أيّة شخصيّة من قماشة الذين صنعوا هيبة رئيس الحكومة، من رياض الصلح إلى رفيق الحريري مرورًا بكبار من مستوى تقي الدين الصلح وصائب سلام ورشيد كرامي وسليم الحصّ، بحيث تتمّ أبلسة كلّ شبيه بهؤلاء عند ظهور اسمه. فإمّا أن يكون الرئيس العتيد “شريك تسوية ضدّ مصالح البلد وضدّ محاربة الفساد مأزوم ومحتاج إلى الموقع لظروف تعنيه وتعني تعثّر أعماله” أو شخصًا حول أعماله وتعدّيه على الأملاك البحريّة جدل، يجري اختياره لا لموقعه الوطنيّ أو المجتمعي أو حتّى المعنوي عند طائفته، بل لمجرّد كونه صهر التيّار العوني.
أمّا الآخرون ممّن تحفل بهم الطائفة السنّيّة الكريمة فمن السهل العمل على أبلستهم وقذفهم بوحول مضلّلة تخدع العقول البسيطة بوقعها الخبيث في النفوس.
هل غفل صاحب الأمانة السنّيّة عن خطورة اللعبة أم وجد فيها مصلحة تُعينه على كوارثه ولو على حساب الذين ائتمنوه؟
ربّما حان لطائفة بذلت خيرة رجالها أن تدرك خطورة التنازلات التي يقدّمها رئيس الحكومة المستقيل من حساب طائفته وتاريخها ومكانتها، وأنّ الوزير باسيل الذي لا نستغرب استغلاله لهذا الوضع، ما كان ليتمكّن من هذا الانقضاض لو لم يلق من يوقّع له على بياض.